هدايا فاخرة وجدلية.. جولة ترامب الخليجية تثير تساؤلات أخلاقية وقانونية

جولة ترامب في الخليج

أثارت الجولة الخليجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي شملت السعودية وقطر والإمارات، موجة من الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية، ليس فقط بسبب الصفقات الضخمة التي أُبرمت خلالها، ولكن أيضًا بسبب الهدايا الفاخرة التي تلقاها، والتي فتحت باب التساؤلات حول تعارض المصالح وتأثير الأموال الأجنبية على السياسة الأمريكية.

استقبال ملكي وصفقات بمئات المليارات

بدأت الجولة من العاصمة السعودية الرياض، حيث حظي ترامب باستقبال وصف بـ"الملكي"، ترافقه مقاتلات F-15 عند دخوله الأجواء السعودية، والتقى خلالها بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأبرم معه اتفاقيات استثمارية قدرتها الإدارة الأمريكية بـ600 مليار دولار، شملت صفقة تسليح بقيمة 142 مليار دولار.

واختُتم اليوم الأول بمأدبة عشاء رسمية في الدرعية، في مشهد أعاد إلى الأذهان قمة الرياض عام 2017، لكن هذه المرة كانت الأضواء مسلطة على محمد بن سلمان، في غياب الملك سلمان عن المشهد.

قلم مونت بلانك وطائرة بـ400 مليون دولار

في محطته الثانية، وصل ترامب إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث قدّم له أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قلمًا فاخرًا من ماركة "مونت بلانك" الألمانية، كهدية رمزية، غير أن الأنظار سرعان ما تحولت إلى هدية أخرى أكثر إثارة للجدل: طائرة بوينغ 747-8 تُقدَّر قيمتها بـ400 مليون دولار، وقالت تقارير إعلامية إن ترامب قبلها لاستخدامها كطائرة رئاسية مؤقتة، قبل أن تُسلَّم لاحقًا إلى مكتبته الرئاسية.

ورغم تأكيد ترامب عبر "تروث سوشيال" أن الطائرة مُقدمة للقوات الجوية الأمريكية وليس له شخصيًا، إلا أن منتقدين وصفوها بـ"الرشوة المقنّعة"، محذرين من تأثيرها على استقلالية القرار السياسي الأمريكي.

وطالت ترامب انتقادات شديدة، ليس فقط من الديمقراطيين مثل السيناتور إد ماركي الذي وصف الطائرة بأنها "رشوة رئاسية"، بل حتى من داخل الحزب الجمهوري، حيث أعرب السيناتور تيد كروز وآخرون عن مخاوفهم من تداعيات هذه الهدية.

في المقابل، نفى رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال مقابلة مع CNN، أن تكون الهدايا وسيلة لـ"شراء النفوذ"، مؤكدًا أن ما تم هو ضمن "معاملات طبيعية بين حكومات صديقة".

الإمارات تهدي "قطرة نفط" ومليارات في الاستثمارات

في أبوظبي، استُقبل ترامب بحفاوة كبيرة، وتلقى وسام زايد، أعلى وسام مدني إماراتي، وخلال زيارته، أعلنت وزارة التجارة الأمريكية عن اتفاق مع شركة G42 الإماراتية لإنشاء أكبر مركز بيانات للذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة.

ومن بين الهدايا التي أثارت تفاعلاً، كانت "قطرة نفط" رمزية، قال عنها ترامب ساخرًا في مقطع فيديو: "أعلى جودة زيت في العالم.. ولم يعطوني سوى قطرة".

وأثار التدفق الكبير للهدايا والاستثمارات الأجنبية إلى إدارة ترامب، بحسب صحيفة الجارديان، مخاوف واسعة بين خبراء الأخلاقيات والدبلوماسيين السابقين، الذين وصفوا ما يحدث بأنه "غير مسبوق" في التاريخ السياسي الأمريكي.

وقال نورم آيزن، المستشار القانوني السابق في البيت الأبيض: "ترامب وضع لافتة (للبيع) أمام البيت الأبيض. من الطبيعي أن تدخل قطر والإمارات في مزايدة علنية"، مشيرًا إلى أن هدية الطائرة وحدها كانت ستُعتبر رشوة دستورية لو كانت قُدمت مباشرة للرئيس.

فيما اعتبر الدكتور ف. جريجوري جوس من معهد الشرق الأوسط، أن إدارة ترامب أعادت تشكيل العلاقات الخليجية الأمريكية، واضعة المصالح التجارية والشخصية فوق المبادئ التقليدية للدبلوماسية.

ورغم دفاع ترامب عن الهدايا التي تلقاها، وتأكيده أنها تخدم أمريكا، إلا أن الجدل القانوني والسياسي لا يزال مفتوحًا، خاصة مع تزايد الأصوات التي تطالب الكونغرس بإجراء تحقيقات واسعة في مدى قانونية وأخلاقية قبول مثل هذه الهدايا، وتأثيرها المحتمل على قرارات السياسة الخارجية الأمريكية.