وافد جديد على إقليم اشتوكة آيت باها حملته التعيينات الجديدة التي أعلن عنها المجلس الوزاري المنعقد يوم 12 ماي الجاري برئاسة الملك محمد السادس، إذ يحل على رأس الإدارة الترابية باشتوكة آيت باها العامل محمد سالم الصبتي، القادم من إقليم اليوسفية، ليخلف جمال خلوق الذي عيّنه الملك على عاملا على إقليم برشيد.
وسيجد العامل الجديد لإقليم اشتوكة آيت باها معطيات تختلف جذريا عن نظيرتها في إقليم اليوسفية، إذ يختلف المجالان الترابيان في كافة المناحي، سواء في المجال الاقتصادي والديمغرافي والتضاريسي والمناخي والاجتماعي والإداري، فضلا عن خصوصيات ينفرد بها إقليم اشتوكة آيت باها كقطب للاستثمارات الفلاحية الكبرى.
وارتباطا بالموضوع، تطرح على طاولة العامل الجديد رزمة من الملفات التنموية والاجتماعية والاقتصادية، يزيد من ضغطها موقع الإقليم القريب من مدينة أكادير ومن مطار المسيرة. ومن أبرز الملفات بورصة البواكر التي تحولت أطلال مهجورة، والشواطئ التي أضحت فضاءات عارية بعد عمليات الهدم الواسعة دون أن تظهر في الأفق معالم تصحيح الوضع.
وفي السياق نفسه، يظل الرعي الجائر أحد الهواجس التي تؤرق الساكنة، خاصة في المناطق الجبلية، إذ تتجدد الصدامات بين السكان والرعاة وتنتهك حرمة الأراضي والمساكن والممتلكات. كما تتجدد تحديات الماء الشروب بالمنطقة الجبلية، خاصة بعد المستويات المقلقة التي وصلت إليها حقينة سد أهل سوس؛ ناهيك عن المشاكل الاجتماعية التي تفرضها الطبيعة الديمغرافية لساكنة الإقليم، الذي يعد منطقة استقرار العمالة الفلاحية القادمة من مختلف مناطق المغرب.
ففي جماعات ترابية كآيت اعميرة وواد الصفا وإنشادن وبلفاع، أضحى الضغط متزايدا على مختلف المؤسسات التعليمية والصحية، إلى جانب مشاكل أخرى في عموم الجماعات السهلية؛ نذكر منها تآكل البنيات الطرقية الفلاحية، فضلا عن ملف أراضي الجموع وغياب آفاق لحلحلة ملف التعمير، بالرغم من المساعي الكثيرة التي قادها العامل السابق، جمال خلوق، غير أن الفاعل المنتخب ظل خارج السياق.
بورصة البواكر.. أطلال
الحسين أولحوس، فاعل حقوقي بإقليم اشتوكة آيت باها، اعتبر مشروع بورصة البواكر نموذجا لـ”الفساد التدبيري والتسييري الذي ينخر تدبير الشأن العام بالإقليم، فلا يتعلق الأمر بتوقف هذا المشروع أو عدم تشغيله أصلا منذ ما يزيد عن 30 سنة؛ بل يتعداه الى إحداث هيئة لتسييره تضخ فيها أموال عمومية دون جدوى. لذلك، يجب فتح تحقيق في أسباب فشل هذا المشروع، وثانيا في الأموال التي ما زالت ترصد لتسييره رغم أنه أطلال”.
قطاع صحي هش
الحسين أولحوس سجل ضعف البنيات الصحية بالإقليم، إضافة إلى النزيف الذي تعرفه مجموعة من التخصصات الطبية بالمستشفى الاقليمي المختار السوسي ببيوكرى بسبب مغادرة العديد من الاطر الطبية لهذا المستشفى وعدم تعويضها؛ مما يحرم ساكنة الإقليم من حقها في خدمات صحية لائقة و ميسرة الولوج.
التعمير.. آفاق غامضة
من أبرز الملفات المطروحة على طاولة العامل الجديد تعقد وصعوبة التمتع بالحق في السكن بالإقليم، وفقا للمتحدث؛ من أبرزها “صعوبة الحصول على وثائق و تراخيص البناء بسبب عدم توفر العديد من الجماعات على تصاميم التهيئة أو تقادمها، إلى جانب تعقد وضعية العقار بالإقليم (الجموع – المياه و الغابات – الأوقاف). أما في كافة الدواوير، فغابت آفاق إيجاد حلول عملية قانونية للسماح للساكنة بتشييد أو إصلاح مساكنها”.
“مزابل” تعذب الساكنة
ما زالت عدد من المطارح العشوائية المنتشرة بشكل لافت على مستوى الإقليم تواصل تعذيب الساكنة، فتحولت إلى مبخرات ملتهبة ليل نهار. ومن النماذج التي تزيد من فظاعة التأثير الصحي والبيئي وعلى المنظر العام نجد مطرح آيت باها وبيوكرى وسيدي بيبي وغيرهم؛ مما يطرح على العامل الجديد إتمام المجهودات التي بذلها سلفه في ملف إحداث مركز إقليمي لطمر وتثمين النفايات.
أراضي الجموع.. وضعية شاذة
عيسى شهاب، الكاتب العام لجمعية أكال للدفاع عن أراضي الأجداد بسيدي بيبي وآيت اعميرة، قال إن “مطالبنا ما زلت كما هي أي مطلب التحفيظ الفردي والمجاني لأراضينا، ولأننا أصحاب أرض وأصحاب حق، ولم تكن يوما هذه الأرض سلالية أو جموع؛ بل هي أراض نملكها أبا عن جد، ونتصرف كملاكين أصليين، وتخضع لكل العمليات العقارية من بيع وشراء ورهن وصدقة ونتوارثها وفق قسمة ونصيب تخضع إلى نظام الإرث بل أدينا وثائق تاريخية ومستندات وأحكام قضائية وعقود تعود إلى قرون تفند ما بنت عليه وزارة الداخلية بأنها أراض جموع وسلالية”.
وتابع شهاب، ضمن تصريح لهسبريس: “إننا في جمعية أكال للدفاع عن أراضي الأجداد بسيدي بيبي وآيت اعميرة نهنئ العامل الجديد لإقليم اشتوكة آيت باها متمنيين له النجاح في مهمته الصعبة؛ لأن المنطقة غنية بأراضيها وبموقعها الجغرافي وسواحلها وجبالها وغطائها النباتي، فقط تتطلب من المسؤولين الإرادة الحقيقية والإنصات لنبض الشارع، أي التسريع بالحل النهائي للإشكالية العقارية الشاذة من أجل انطلاق تنموي مشجع ومحفز ومنتج لمناصب الشغل”.
الرعاة الرحل.. أضرار متواصلة
عبد السلام الشكري، عن جمعية سكان جبال العالم ـ فرع إقليم اشتوكة آيت باها، اعتبر أن أبرز الملفات المطروحة بالإقليم مشكل “الهجمات المتكررة لرعاة الرعي الريعي والذي تسبب في أضرار كبيرة للمحاصيل والممتلكات، (شجر أرگان، الزيتون، اللوز، الأعشاب العطرية…)؛ مما يتطلب من السلطة الإقليمية تدخلات حازمة وجريئة لحماية الساكنة وممتلكاتها”.
وفي سياق متصل، طالب الشكري، ضمن تصريح لهسبريس، بـ”إلغاء القرار الوزاري المتعلق بإجراء البحث العلني لإحداث المنتزه الطبيعي الأطلس الصغير الغربي؛ لما له من تأثير سلبي على الساكنة والفلاحة المعاشية وحق الملكية والاستغلال”.
شبهات سوء تدبير
أجمعت إفادات استقتها هسبريس باشتوكة آيت باها على قطع جمال خلوق، العامل السابق، مع عدد من الممارسات التدبيرية الفاسدة بجماعات الإقليم من خلال استباقية في تفعيل تلقي طلبات الرخص عبر منصات رقمية؛ مما أغلق الطريق على عدد من سماسرة الشواهد والرخص، هذا فضلا عن تنزيل مساطر الهدم لبنايات مملوكة لمنتخبين مشيدة بطرق غير قانونية وعزل أعوان سلطة ضالعين في تلك الممارسات غير القانونية وتأديب عدد من رجال سلطة. وينتظر الوافد الجديد مواصلة التوجه الحازم نفسه في مواجهة الخارجين عن الضوابط القانونية، واستمرار “القبضة الحديدية” التي بصمت فترة العامل خلوق، فضلا عن تحريك ملفات منتخبين تحوم حولهم شبهات فساد تسييري وتبديد أموال عمومية كملف “ملك الزهر ببلفاع.
مزيد من البنية التحتية
أحمد المودن، فاعل جمعوي باشتوكة آيت باها، اعتبر أن الإقليم شهد طفرة تنموية وتنزيلا مكثفا لمختلف برامج الدولة من طرف السلطة الإقليمية، فضلا عن تدخلات لدى المصالح المركزية لوزارة الداخلية ولدى مختلف القطاعات الوزارية.
وأبرز المودن: “توجد اليوم مشاريع وتحديات تنموية كبرى، تم الشروع في حلحلة عدد منها من لدن السلطة الإقليمية؛ كمشاريع التطهير السائل، وتأهيل المراكز الحضرية والقروية والماء الشروب، ودعم القطاعات الاجتماعية، وفك العزلة وغيرها.
وشدد الفاعل الجمعوي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أنه “سيكون على العامل الجديد العمل على مواكبة هذه المشاريع والزيادة في سرعة إخراجها”.
