أثار ارتفاع معدلات نفوق الثروة الداجنة جدلًا واسعًا، حيث أفادت شبكة "سي إن إن" في تقرير نشر أمس الأحد، أن منتجين كبارًا أكدوا تجاوز نسبة الفاقد 30% بسبب أمراض وبائية موسمية، فيما نفت وزارة الزراعة وجود أزمة، مؤكدة استقرار صناعة الدواجن.
ويأتي هذا الجدل في وقت يُعتبر فيه قطاع الدواجن ركيزة أساسية للأمن الغذائي، حيث يبلغ حجم الاستثمار فيه حوالي 200 مليار جنيه (3.991 مليار دولار)، مع مساهمة صغار المربين بنسبة 80% من الإنتاج، بينما تمتلك الشركات الكبرى 20% فقط، وفقًا لبيانات رسمية من وزارة الزراعة.
بدأت الأزمة بتصريحات نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، الذي أشار إلى نفوق أكثر من 30% من الثروة الداجنة بسبب أمراض وبائية، محملًا الجهات البيطرية مسؤولية التقصير في اتخاذ تدابير وقائية، خاصة مع توقع تفاقم الوضع الوبائي نتيجة التغيرات المناخية. وحذر من أن الإنتاج المتبقي يعاني من ضعف الأوزان والجودة، مما يهدد الأمن الغذائي.
في المقابل، أصدرت وزارة الزراعة بيانًا ردًا على هذه الادعاءات، أكدت فيه أن صناعة الدواجن مستقرة، وأن الهيئة العامة للخدمات البيطرية وقطاع تنمية الثروة الحيوانية يتابعان المزارع بانتظام، نافية تسجيل أي حالات نفوق غير عادية أو نقص في التحصينات. واستندت الوزارة إلى استمرار طلبات التصدير للدول العربية والأجنبية، سواء لبيض المائدة أو الكتاكيت، وانخفاض أسعار الفراخ، كدليل على وفرة الإنتاج وغياب أزمات وبائية.
فيما أوضح خبراء في القطاع، مثل الرئيس السابق للاتحاد العام لمنتجي الدواجن، أن ارتفاع معدلات النفوق يعود إلى عوامل متعددة، تشمل الأمراض الوبائية الموسمية، وارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق بسبب الاحتباس الحراري، وارتفاع أسعار الأمصال التي تزيد من تكاليف الإنتاج.
وأشار إلى أن نسبة فاقد تزيد عن 7% تُعد كارثية للمربين، خاصة صغار المربين الذين يواجهون خسائر كبيرة قد تدفعهم للخروج من السوق.
من جانبه، أعرب رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية عن شكوكه في وصول نسبة النفوق إلى 30%، معتبرًا أن بعض التصريحات قد تهدف إلى رفع أسعار الدواجن، مستدلًا بزيادة سعر الكيلو من 87 جنيهًا إلى 93 جنيهًا خلال 24 ساعة.
ودعا إلى تعاون أوثق بين الحكومة واتحاد منتجي الدواجن لدعم صغار المربين من خلال توفير الكتاكيت والأعلاف والدعم الفني، مع وضع معادلة سعرية توازن بين أرباح المربين وأسعار المستهلكين.
وأكدت وزارة الزراعة التزامها بخطة شاملة لدعم قطاع الدواجن، تشمل تكثيف حملات التحصين، وتعزيز الرقابة على المزارع والأسواق، ورفع وعي المربين بأهمية الإجراءات الوقائية، بالإضافة إلى تقديم خدمات علاجية وإرشادية مجانية في المناطق الريفية.
وأوضحت أنها تنسق مع المعامل المرجعية لرصد أي مؤشرات مرضية، لضمان استجابة سريعة لأي تهديدات محتملة.
ومع ذلك، يرى خبراء أن التحديات التي تواجه القطاع تتطلب حلولًا طويلة الأجل، مثل تحسين البنية التحتية للمزارع المفتوحة التي تعاني من انتقال الأمراض، وزيادة الاستثمار في إنتاج الأمصال محليًا لخفض تكاليفها. ويبلغ إنتاج مصر السنوي من الدواجن حوالي 1.4 مليار دجاجة، و16 مليار بيضة، مما يغطي الاحتياجات المحلية مع فائض للتصدير، لكن استمرار الخسائر قد يؤثر على هذا التوازن.
يظل هذا الجدل مؤشرًا على التحديات الهيكلية التي تواجه صناعة الدواجن في مصر، خاصة في ظل التغيرات المناخية وارتفاع التكاليف. ومع استمرار الخلاف بين المنتجين والحكومة، تتزايد الدعوات لإجراء تحقيق شفاف لتحديد أسباب النفوق ووضع استراتيجية شاملة تحمي صغار المربين، وتضمن استقرار الأسعار، وتحافظ على الأمن الغذائي.
وتشير التوقعات إلى أن نجاح هذه الجهود يعتمد على تعاون وثيق بين الحكومة ومنتجي الدواجن، مع الاستفادة من التجارب العالمية في مواجهة الأمراض الوبائية لضمان استدامة هذا القطاع الحيوي.