بعنوان “المغرب قبل الحماية.. القبيلة والمخزن”، صدر للباحث محمد فراح عمل أكاديمي “يسائل بنية الدولة المغربية ما قبل الحماية، من زاوية العلاقة المركبة بين السلطة المركزية وبين المجال القبلي، معتمدًا في ذلك مقاربة تاريخية تحليلية تستند إلى دراسة ثلاثية الأبعاد: الهوية، وآليات الحكم، وأدوات فرض السلطة”.
وتسلط هذه الدراسة الضوء على “السياق الذي سبق سقوط المغرب تحت الحماية؛ من خلال تحليل انعكاسات الهزائم العسكرية (إيسلي وتطوان)، وتنامي التدخل الأجنبي، وتفاقم العبء الجبائي، وتعدد الحمايات القنصلية قبل فرض معاهدة الحماية”.
ووفق ورقة المنشور الجديد، فإنه ينطلق “من خلفية تاريخية تؤكد أن المغرب، بحكم موقعه الاستراتيجي في شمال غرب إفريقيا، ظل مجالًا مفتوحًا لتعدد الهجرات والانفتاح على حضارات مشرقية وغربية وإفريقية؛ مما أفرز بنية اجتماعية وثقافية متنوعة، وكرّس هوية مركبة غنية بمكوناتها الأمازيغية والعربية والحسانية. وقد تعزز هذا التماسك الوطني في وجه الأخطار الخارجية، إذ كانت فترات الغزو الأجنبي دائمًا مناسبة لتوحد المغاربة حول قيمهم الدينية والدفاع عن المجال”.
وتتَتبّع فصول الكتاب ملامح هذا التفاعل بين المخزن والقبيلة عبر ثلاث محطات كبرى؛ فيعالج الفصل الأول “محددات الهوية المغربية”، ويركز على “دور القبيلة كمكون هوياتي، وعلى البعد الديني والروحي في توحيد المجال المغربي رغم تنوعه”. ويخصص الفصل الثاني لـ”آليات الحكم المخزني وضوابط ممارسته للسلطة، مسلطًا الضوء على الأدوات التي استند إليها المخزن لتأمين تماسكه الإداري والسياسي”. أما الفصل الثالث فـ”يتناول أدوات فرض السلطة، خاصة الجبايات والحركات المخزنية، وكيف تحولت هذه الآليات إلى وسائل ضغط ساهمت في توتر العلاقة مع القبائل، ولاسيما في سياق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي سبقت الحماية”.
وينتهي الكتاب إلى خلاصات تكشف “الإكراهات التي وسمت الحكم المخزني، من ضعف الموارد، وتعدد مصادر الخبر، وتضارب التقارير الميدانية، إلى حدود الفعالية الإدارية في مجال قبلي متباين”. كما يرصد “الدور البارز الذي لعبه الشرفاء والزوايا في ضبط المجتمع بفضل سلطتهم الرمزية والاجتماعية، ولا سيما خلال فترات المحن والكوارث”.
