في زحام الأخبار المتضاربة والتصريحات المثيرة للجدل، عاد ملف الثروة الداجنة في مصر ليتصدر المشهد، بعد أن أثار تصريح لنائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، الدكتور ثروت الزيني، جدلًا واسعًا، حين أشار إلى أن البلاد فقدت ما يقرب من ثلث ثروتها الداجنة نتيجة أمراض وبائية.
طبقا لـ تحيا مصر ، تصريح نزل كالصاعقة على الرأي العام، وسط مخاوف من تأثير ذلك على أسعار الدواجن في السوق المحلية، واستقرار صناعة تُعد من أعمدة الأمن الغذائي المصري.
تصريح صادم وردود فعل متباينة
الزيني أكد، في مداخلة تلفزيونية، أن نسبة النفوق بين الطيور بلغت حوالي 30%، مرجعًا السبب إلى انتشار أمراض وبائية ضربت مزارع الدواجن خلال الأشهر الأخيرة، موضحًا أن تلك المشكلات كانت محل نقاش مع وزير الزراعة منذ خمسة أشهر، حيث تم وضع خطة لمواجهة تكرار ما حدث العام الماضي من موجات مرضية، كما أشار إلى أن تلك الأمراض تسببت في ارتفاع أسعار الدواجن بشكل لافت.
لكن هذا الطرح لم يمر مرور الكرام، إذ سارع المهندس محمود العناني، رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، إلى نفي صحة تلك الأرقام، مؤكدًا أن ما تردد عن نفوق 30% من الدواجن "لا أساس له من الصحة"، وأن نسبة النفوق لم تتجاوز في أسوأ الحالات 4% فقط.
وشدد على أن الوضع داخل المزارع لا يختلف كثيرًا عن السنوات الماضية، وأن ما جرى في بعض المواقع لا يتعدى التأثر بتقلبات الطقس.
رد حكومي حاسم.. الوضع مطمئن ولا نفوق جماعي
وزارة الزراعة بدورها أصدرت بيانًا رسميًا أكدت فيه استقرار قطاع الدواجن، ونفت تسجيل أي حالات نفوق جماعي غير طبيعية.
وأوضحت أن هناك متابعة دقيقة ويومية من قبل هيئة الخدمات البيطرية وقطاع تنمية الثروة الحيوانية، مع توفر جميع التحصينات واللقاحات في المعاهد البيطرية والوحدات المنتشرة في المحافظات.
رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، الدكتور حامد الأقنص، أكد أن الحالة الصحية للطيور جيدة، وأن فرق الترصد الوبائي لم تسجل أي مؤشرات على وجود أوبئة خطيرة، داعيًا أي مربي يتعرض لخسائر إلى التواصل مباشرة مع الجهات البيطرية المختصة لتقديم الدعم اللازم.
تطور لافت في الصناعة ودعم حكومي مستمر
في المقابل، سلط الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة، الضوء على التحول الكبير الذي شهدته الصناعة في السنوات الأخيرة، حيث تم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواجن، مع التوجه لتصدير الفائض إلى الأسواق الخارجية.
ولفت إلى أن مصر باتت ضمن الدول المعتمدة دوليًا لتصدير منتجات الدواجن من المنشآت المعزولة صحيًا.
وأشار سليمان إلى أن نحو 80% من الإنتاج المحلي يأتي من صغار المربين، وهو ما يجعل الحكومة تولي أهمية خاصة لتوفير الدعم الفني والمالي لتحسين أنظمتهم وتحويلها إلى التربية المغلقة لزيادة الكفاءة الإنتاجية.
في ظل تناقض الأرقام والتصريحات، يبدو أن الحقيقة الكاملة حول حجم النفوق في الثروة الداجنة تظل محل تساؤل.
فبين من يؤكد وجود أزمة حقيقية، ومن ينفيها جملة وتفصيلًا، يبقى المستهلك المصري في انتظار الإجابة الأكثر دقة من جهة رسمية شفافة، خاصة في ظل التغيرات المناخية والتحديات الصحية التي قد تؤثر على واحدة من أهم الصناعات الغذائية في البلاد.