قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الاحتلال الإسرائيلي يصعد إبادته الجماعية في غزة عبر واحدة من أوسع الهجمات وأكثرها فتكا منذ بدء العدوان، من خلال ارتكاب المجازر واعتماد سياسة الأرض المحروقة والتدمير الشامل لما تبقى من الأحياء والبنية التحتية.
وأفاد المرصد، في بيان صحفي اليوم، أن ذلك يأتي ضمن نهج مستمر منذ أكثر من 19 شهرا يتسم بالقتل الجماعي، والتجويع، والتدمير المنهجي لمقومات الحياة، والاستهداف المتعمد للمدنيين الفلسطينيين في منازلهم ومراكز الإيواء والمرافق الحيوية، بهدف إفناء المجتمع الفلسطيني في غزة ومحو أي إمكانية لعودته أو إعادة بنائه.
وأوضح أن قوات الاحتلال الإسرائيلي صعدت في الأيام الأخيرة من عدوانها على مختلف أنحاء قطاع غزة، عبر تدمير منهجي لما تبقى من المنازل والمرافق المدنية، وارتكاب مجازر جماعية بحق السكان، في إطار سياسة تهدف إلى القضاء على مقومات الحياة وإفناء السكان ومنع استمرار وجودهم، تمهيدا لفرض واقع استعماري بالقوة يقوم على محو السكان الأصليين، وتهيئة الأرض لضمها الفعلي إلى إسرائيل، في خرق خطير لأحكام القانون الدولي، بما في ذلك حظر ضم الأراضي بالقوة.
وأضاف المرصد أن قوات الاحتلال دمرت منذ فجر اليوم، عشرات المنازل في تل الزعتر بجباليا وحي السلاطين في بيت لاهيا، وجرى تدميرها بالكامل فوق رؤوس قاطنيها، ما أسفر عن عشرات الشهداء من المدنيين، بينهم أطفال ونساء، في مجازر جماعية تؤكد تصاعد نمط القتل الجماعي المنهجي ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
وأشار إلى أن أكثر من نصف الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض، بسبب عجز فرق الإنقاذ والدفاع المدني عن الوصول إليهم في ظل انعدام الإمكانيات، فيما تكدست عشرات الجثامين إلى جانب المصابين في أروقة مستشفيي "الإندونيسي" و"العودة"، في مشهد يجسد الانهيار الكامل للمنظومة الصحية.
وأوضح المرصد أن المدفعية الإسرائيلية استهدفت المدنيين الفلسطينيين أثناء محاولتهم الفرار والبحث عن مأوى بعد موجات القصف المتتالية، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال نفذت خلال اليومين الماضيين عمليات تدمير منهجي لعدد كبير من المباني السكنية التي كانت قد تضررت جزئيا في شمال غزة، فيما بدا استكمالا لعملية إبادة المدن الواسعة التي تستهدف التجمعات السكنية بشكل كامل.
ولفت إلى أن جيش الاحتلال فعل سياسة التدمير الشامل للمباني شرقي خان يونس خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع استكماله تدمير أحياء بأكملها في رفح، بمشاركة شركات مدنية إسرائيلية، في مشهد يعكس تعمدا واضحا لمحو المدينة من الخريطة.
وشدد المرصد على أن ما يجري اليوم يمثل تنفيذا فعليا لتصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، حين قال: "سنواصل تدمير بيوت غزة حتى لا يبقى للفلسطينيين مأوى، ولن يتبقى لهم سوى الرحيل"، معتبرا أن المشكلة الوحيدة تكمن في "إيجاد دول تستقبلهم".
وأكد المرصد أن هذا التصريح يعد اعترافا رسميا إضافيا من أعلى سلطة سياسية بنية اقتلاع مجتمع بأكمله، تترجم فعليا على الأرض عبر التدمير المنهجي لكل مقومات بقائه.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن المجازر الأخيرة، ولا سيما في خان يونس وشمال غزة، تمثل تصعيدا خطيرا في استهداف المدنيين، إذ تستخدم إسرائيل قوة نارية هائلة دون تمييز أو تناسب، وفي غياب أي مبرر أو وجود لأعمال قتالية، ما يؤكد أن السكان المدنيين أنفسهم هم الهدف المباشر للهجمات، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي.
وأشار إلى أن سياسة التدمير الشامل التي تنفذها إسرائيل لا تندرج ضمن أهداف عسكرية مشروعة، بل تشكل جزءا من نهج للإبادة الجماعية، يقوم على تفكيك المجتمع الفلسطيني في غزة ماديا وبشريا، وحرمانه من مقومات البقاء، بهدف إفنائه ومنع أي إمكانية لاستمراره أو عودته.
ودعا المرصد /الأورومتوسطي/ لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الإبادة الجماعية المستمرة، وفتح تحقيقات جدية في الجرائم المرتكبة، والمباشرة بإجراءات فعالة والعمل على ضمان حماية المدنيين، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي شجعت إسرائيل على المضي قدما في ارتكاب انتهاكات جسيمة دون محاسبة.
كما طالب بإنشاء آلية دولية مستقلة لحفظ الأدلة المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية في غزة، تتولى توثيق الأدلة الرقمية، وصور الأقمار الصناعية، وشهادات الضحايا والناجين، وحفظها لاستخدامها أمام الهيئات القضائية الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك