راجت في الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات وأخبار تفيد بأن من يُقدم على ذبح الأضحية يوم عيد الأضحى سيعرّض نفسه لغرامة مالية، وأن لجنة خاصة ستُكلَّف بمراقبة المواطنين لمنعهم من إقامة شعيرة النحر.
وقد أثارت هذه المزاعم نقاشًا واسعًا في الفضاء الرقمي. وفي هذا السياق، نقلت جريدة هسبريس هذه المعطيات إلى خبراء، فأكدوا أن الأخبار المتداولة “لا أساس لها من الصحة”، مشددين على أنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني”.
وأوضح الخبراء أن البلاغ الملكي الأخير “يهيب بالمواطنين الامتناع عن الذبح، دون أن يُلغي شعيرة عيد الأضحى”، مشيرين إلى أن المغاربة “دأبوا على احترام التعليمات الملكية والانضباط لها”.
“خلق البوز وإثارة البلبلة”
المحامي رئيس المركز المغربي للوعي القانوني شعيب لمسهل قال إن “الزعم بأن من يقوم بالذبح سيتعرض للمساءلة القانونية، معلومةٌ خاطئة ومغالطة قانونية، لأن القانون لا يمكن أن يعاقب شخصًا خالف توجهًا عامًا للدولة، ما دام هذا التوجه لم يُنص عليه صراحة في أي قانون”.
وأوضح المحامي ذاته، في حديث مع هسبريس، أن “الأصل في القانون هو أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. وبلاغ الديوان الملكي الذي يهيب بالمغاربة عدم ذبح الأضاحي لا يلغي شعيرة عيد الأضحى”.
وبين رئيس المركز المغربي للوعي القانوني أن “الأثر القانوني لمخالفة ما جاء في البلاغ منعدم، لأن القرارات الملكية ما لم تُصغ في شكل نصوص تشريعية وتنشر في الجريدة الرسمية، لا تكتسب طابع الإلزام القانوني”.
وسجل المصدر نفسه أن قرار الذبح من عدمه يعود إلى قناعات كل مواطن، مضيفا أن “المجتمع قد ينظر إلى من يذبح الأضحية هذا العام على أنه إما ‘جيعان’ أو يرغب في التباهي”، مشيرا إلى أن “الهدف من التوجيه الملكي هو حماية القطيع الوطني، والحفاظ على الاقتصاد، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين”.
وفي جوابه على سؤال هسبريس حول سبب انتشار هذه الأخبار الزائفة، أوضح المحامي عينه أن الأمر مرتبط “برغبة البعض في خلق ‘البوز’ وإثارة الانتباه والبلبلة داخل المجتمع”، مضيفًا أن مثل هذه الأخبار “تستغل أحيانا لتحقيق مصالح شخصية”.
ترويج الأخبار الزائفة
من جانبه، قال خالد التوزاني، باحث في الثقافة المغربية، إن “الالتزام بالقرار الملكي الذي دعا فيه جلالته شعبه إلى عدم ذبح الأضحية يوم العيد، يشكل قيمة من القيم المغربية الراسخة، المتمثلة في الوحدة والاتحاد والتضامن والتآزر واصطفاف المواطنين خلف أمير المؤمنين”.
وأضاف الباحث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه “عندما يصدر أمير المؤمنين قرارًا من هذا النوع، فإن المغاربة يستجيبون له باعتباره أمرًا ساميًا نابعًا من الحرص على المصلحة العامة، وهو مبدأ راسخ في الثقافة المغربية”.
وأبرز أن “القرار الملكي جاء بدافع العناية والحرص على القطيع الوطني وعلى الاقتصاد الوطني، وهو لا يهم فقط الفئات الفقيرة والمتوسطة، بل يشمل جميع المغاربة، باعتبارهم شركاء في تحمل التحديات الوطنية”.
واعتبر التوزاني أن “جهات أجنبية تقف وراء ترويج الأخبار الزائفة، في محاولة لاستهداف وحدة الصف وزعزعة التضامن والتلاحم القائم بين العرش والشعب”.