أكد عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، على “ضرورة مواكبة المغرب للتغيرات التي يشهد العالم حاليا في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي”، موضحا أن “دراسات تشير إلى أن 60 إلى 70 في المائة من المهن ستزول بحلول 2050”.
وقال ميداوي، ضمن أشغال اليوم الدراسي حول “تحول السياسات العمومية.. أية هيكلة للتدبير العمومي في ظل التحديات الراهنة؟” المنظم من قبل الفريق الحركي بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، إن “هذه التغيرات تسائل المسؤولين عن قطاعي التعليم العالي والتربية الوطنية، في أفق التجاوب معها”، مردفا: “تنسيقي مع الوزير برادة لم يسبق له أن انقطع حول مثل هذه المواضيع”.
في السياق نفسه، دعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى “ضمان استقلالية الجامعات المغربية، إذ يجب ألا تكون هذه الاستقلالية مجرد شعار؛ بل من المفروض أن تتحول إلى آلية لضمان الجودة والنجاعة”.
وفي رسالة مباشرة إلى الأكاديميين والمتدخلين بقطاع التعليم العالي، أكد المسؤول الحكومي نفسه على “عدم الحق في الخطأ، ما دام أن الكل ينتبه إلى العمل القائم في هذا المجال، من سياسيين وصحافيين؛ فالمجتمع يمنح مكانة كبيرة للجامعيين والباحثين، ويجب أن يكونوا في المستوى المطلوب”.
وزاد ميداوي: “نحن واعون بضرورة الاستمرار في الدراسة والبحث على مستوى مجال التعليم العالي، خصوصا فيما يتعلق بمنظومة المهن التي تتغير بشكل كبير، حيث من الخطأ الاكتفاء بالنظر في المهن المحلية والجهوية، في حين يبقى التحدي هو تحقيق الملاءمة مع المهن الكونية والعالمية، ما دام أن الرأسمال لا حدود له”، لافتا إلى “أولوية التموقع ضمن هذه التغيرات”.
وبيّن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن “عواقب وتأثيرات الثورة الرقمية على مختلف القطاعات المجتمعية تجعلنا نطمح إلى تعزيز التفكير النقدي وتكوين خريجين جامعيين يمكنهم التأقلم مع تحولات سوق الشغل الذي يتغير كل خمس سنوات”.
وحسب المسؤول نفسه، فإنه “لا يوجد أي طرف من شأنه أن يدافع عن هذه التحولات من دون الجامعة، في وقت يتطلب الأمر أيضا ضمان الاستمرار في السياسات العمومية بعيدا عن الحديث دائما عن الإصلاح”.
“دوامة الإصلاح”
تأسف محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، لتحول منظومة التعليم بالمغرب إلى “مختبر للتجارب الفاشلة”، متسائلا عن “الأموال المصروفة في برامج الإصلاح وضياع الزمن وعواقب الارتجال في تنزيل السياسات”.
وتحدث أوزين، ضمن اليوم الدراسي ذاته، عما يتعلق باختيارات لغات التدريس على مستوى الجامعات المغربية، كاشفا أن هذا الأمر “دفع إلى التعامل مع واقع غريب يتمثل في عدم إتقان لغة الضاد ولا اللغات الأجنبية التي تمكن المغاربة من مواصلة دراساتهم بالجامعات الأجنبية”.
وسجل الأمين العام لحزب الحركة الشعبية أيضا ما أسماه “محاربة العقل بالجامعات المغربية والتضييق على الفلسفة والعلوم الإنسانية منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، إذ أنتج ذلك جيلا من الضباع، وفق تعبير محمد جسوس”، متابعا: “لقد تابعتم على ما يبدو تدجين عقول الشباب بفكر هدام وجعلهم بمثابة قنابل تحارب نفسها”.
كما تساءل أوزين عن “جدية الإصلاح المتواصل بقطاعي التربية الوطنية والتعليم العالي أيضا بالمغرب، موازاة مع التغيير المتواصل للمناهج والمقررات وتغييب المقاربة التشاركية مع أصحاب الاختصاص، وهو ما أفضى إلى بروز إشكاليات مختلفة على رأسها الهدر المدرسي”. ودعا في السياق نفسه إلى الاستفادة من تجارب دول أخرى، بما فيها سنغافورة، “ما دام أن ذلك ليس عيبا”.
وطالب أيضا بـ”اعتماد الصراحة حُيال فشل الإصلاحات السابقة والتوافق على أن التعليم قضية وطن لا تقبل التصريف الإيديولوجي”، واصفا الإصلاح في هذا المجال بـ”جعجعة بلا طحين”.