علمت هسبريس، من مصادر جيدة الاطلاع، أن مصالح المفتشية العامة للمالية شرعت في التدقيق في اختلالات خطيرة طالت تدبير وثيقة “أوامر خدمة” Ordres de service داخل مؤسسات ومقاولات عمومية، بعد توصلها بإشعارات من آمرين بالصرف حول تعثر صفقات عمومية، خصوصا المقسمة إلى أشطر.
وأوضحت المصادر ذاتها أن المعطيات الواردة أكدت امتناع بعض الجهات صاحبة المشاريع عن تسليم الوثيقة المذكورة لبدء الأشغال في مراحل متقدمة من مشاريع؛ ما أدى إلى تجميد الأداءات المالية لأشطر وتجميد صفقات برمتها.
وأكدت مصادر الجريدة أن شركات متعاقدة مع مؤسسات ومقاولات عمومية وجدت نفسها أيضا في وضع قانوني معقد، بعدما نفذت التزاماتها في إطار صفقات دون التوصل بمستحقاتها، حيث جرى رفض تسوية وضعيتها المالية باعتبار نقص أو خطأ في بيانات وثيقة “الأمر بالخدمة” أو توقيعها من قبل مسؤولين غير مفوض لهم بالقيام بهذه المهمة.
وشددت مصادر هسبريس على أن عناصر المفتشية العامة للمالية فتحت عملية تدقيق موسعة على مستوى أقسام مشتريات وصفقات داخل المصالح العمومية المذكورة بشأن في وجود شبهة سوء تدبير وتلاعبات بتنظيم سير تنفيذ أشغال وتوريد تجهيزات في إطار صفقات عمومية، خاصة أن هذه الوضعية تكررت في مشاريع حيوية.
وأفادت المصادر نفسها بأن تدقيق مفتشي المالية كشف، في تقارير لمصالح الرقابة الداخلية بمؤسسات ومقاولات عمومية، عن اختلالات مهمة تركزت حول بطء إجراءات تسلم المشاريع وأداء مستحقات مقدمي الخدمات والتجهيزات، رغم توفر المخصصات المالية الكافية لتغطية هذا النوع من النفقات، والقفز عن مساطر التسلم المؤقت والتسلم النهائي لمشاريع مقسمة على أشطر، حيث تتم تسوية الوضعية المالية لكل شطر على حدة.
وأكدت مصادرنا أن شركات متضررة جرّت مصالح عمومية إلى القضاء واستصدرت أحكاما لصالحها في منازعات، بعدما أثبتت عدم إثارة أية عيوب عند تسلم مراحل سابقة في مشاريع، قبل التعلل بـ”عيوب” في “أوامر خدمة” من أجل عدم أداء المستحقات الواجبة عليها لفائدة الجهات المدعية.
يشار إلى أن المادة الثامنة من المرسوم رقم 349-12-2، المتعلق بالصفقات العمومية، تنص على أنه “بخصوص الصفقات بأقساط اشتراطية، فإن عدم إصدار الأمر بالخدمة المتعلق بقسط أو عدة أقساط اشتراطية في الآجال المحددة، يتيح لصاحب الصفقة بطلب منه، الاستفادة من تعويض عن الانتظار، إذا نصت الصفقة على ذلك، وضمن الشروط التي تحددها، أو العدول عن إنجاز القسط أو الأقساط الاشتراطية المعنية، فيما يبلغ عدول صاحب المشروع عن إنجاز قسط، أو أقساط اشتراطية إلى صاحب الصفقة بأمر بالخدمة، حيث يمنح في هذه الحالة لصاحب الصفقة، تعويض يدعى (تعويض العدول عن الإنجاز)، إذا نصت الصفقة على ذلك، ووفق الشروط المحددة من قبلها”.
وكشفت مصادر الجريدة عن توقف مفتشي المالية خلال عملية التدقيق الجارية عند تورط مؤسسات ومقاولات عمومية في ممارسات غير قانونية تتعلق بأوامر الخدمة”، بعدما لجأ بعضها إلى إصدار أوامر لإضافة أشغال أو توريدات جديدة خارج مضمون الصفقة الأصلية دون احترام مسطرة الملحق Avenant، كما تنص عليه المادة 92 من المرسوم 2-12-349، المتعلق بالصفقات العمومية.
وأوضحت المصادر عينها أن هذا السلوك يعد تعديلا جوهريا غير مشروع، حيث لا يسمح قانونا بإدخال تغييرات مهمة، كزيادة الكميات أو إدراج أشغال إضافية، إلا عبر ملحق رسمي.
ولفتت إلى أنه رُصد غياب التبليغ الرسمي للأوامر، حيث جرى تبليغها شفهيا وبشكل غير مكتوب ودون وثائق رسمية في حالات بعينها؛ ما صعّب على شركات متعاقدة إثبات ما طلب منها تنفيذه في إطار صفقات تعاقدية.