10:27 ص - السبت 23 أغسطس 2025
توقع بنك قطر الوطني QNB أن يشكل ارتفاع التعريفات الجمركية رياحا معاكسة كبيرة لتوقعات نمو الاقتصاد الأمريكي، حيث يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تقليص إنفاق الأسر، كما يؤثر عدم اليقين وتزايد التكاليف سلبا على الإنتاج والاستثمار.

وأشار البنك في تقريره الأسبوعي الذي جاء بعنوان "كيف سيتأقلم الاقتصاد الأمريكي مع الأوضاع التجارية الجديدة؟" إلى أنه ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تبنت الاقتصادات الأكثر تقدما تحرير التجارة والتكامل الاقتصادي باعتبارهما ركيزتين للازدهار والسلام العالميين.
وأوضح في هذا الصدد أنه تم خلال تلك الفترة تخفيض التعريفات الجمركية العالمية تدريجيا وتم تفكيك الحواجز التجارية، وذلك بفضل قواعد وآليات الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة "الغات"، ولاحقا منظمة التجارة العالمية مما أسهم في تعزيز التجارة الدولية من خلال اندماج الاقتصادات الشيوعية السابقة في الأسواق العالمية، وانتشار الاتفاقيات متعددة الأطراف، والانفتاح الاقتصادي للصين.
ورأى أن هذه التطورات ساعدت في دفع التجارة إلى مستويات قياسية حيث بلغ مجموع صادرات جميع البلدان إلى ذروته في عام 2008، عند 24 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلا أن هذا التوسع السريع في تدفقات التجارة توقف فجأة مع الأزمة المالية العالمية، التي أدت إلى دخول الاقتصادات الكبرى في حالة ركود، وانخفاض حاد في طلب المستهلكين والشركات على السلع.
وذكر أن معدلات نمو التجارة تقلبت بشكل حاد في السنوات التالية، وسط تزايد التدابير الحمائية، والاستقطاب الجيوسياسي.
وتابع التقرير أنه في مطلع أبريل من العام الجاري، وفيما أصبح يعرف بـ "يوم التحرير"، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حزمة شاملة من التعريفات الجمركية التي طالت معظم بلدان العالم، مشيرا إلى أن هذا القرار غير المسبوق شكل نقطة تحول، حيث وضع الولايات المتحدة في قلب صدمة تجارية عالمية كبرى، وأطلق مرحلة من تزايد حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى أنه في محاولة لاحتواء التصعيد، سارعت الدول إلى تقديم حزم من العروض الشاملة بهدف تخفيف قرارات الرئيس ترامب التجارية حيث لم تقتصر شروط المفاوضات الثنائية على التعريفات الجمركية فحسب، بل امتدت لتشمل تعهدات استثمارية موجهة نحو اقتصاد أمريكا الشمالية، إضافة إلى التزامات بشراء مباشر للسلع الأمريكية، بدءا من المنتجات الزراعية ووصولا إلى صادرات الطاقة.
وأوضح التقرير أن انعقاد الجولات الأولى من المفاوضات ساهم في تخفيف حالة عدم اليقين واستبعاد السيناريوهات الأسوأ حيث تم التوصل إلى صفقات مع المملكة المتحدة واليابان وإندونيسيا وفيتنام والفلبين والاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى تخفيف الآثار المحتملة على باقي الدول في ظل تشكل "عالم جديد يتسم بارتفاع التعريفات الجمركية".
ويعد معدل التعريفات الجمركية الفعلية (ETR) مقياسا هاما للعبء المفروض على واردات الدولة، إذ يقيس متوسط معدل التعريفات الجمركية مقارنة بقيمة السلع المستوردة.
وتشير أحدث التقديرات إلى أن المتوسط الإجمالي لهذا المعدل يبلغ 18.2بالمئة، وهو أعلى مستوى له منذ ذروته التي بلغت 19.8 بالمئة في عام 1933، حينما تم تطبيق سياسات حمائية صارمة.
ويرى التقرير أن هذا المستوى من التعريفات الجمركية في الولايات المتحدة، إلى جانب التعريفات المقابلة التي قد تفرضها دول أخرى، يشكل رياحا معاكسة قوية لتوقعات النمو الاقتصادي الأمريكي مبينا أن أبرز الآثار الرئيسية لهذه التعريفات الجديدة تتمثل في ارتفاع التكاليف التي تتحملها الأسر والشركات.
وأضاف أن انتقال تأثير التعريفات الجمركية إلى الأسعار النهائية لا يكون عادة كاملا، حيث يتم امتصاص جزء من الزيادة في التكاليف من خلال تخفيض هوامش الربح لدى المستوردين الأمريكيين والمنتجين الأجانب ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن التأثير النهائي على الأسعار كبير، ويتراوح بين 0.4 و2 نقطة مئوية كزيادة في التضخم الكلي مشيرا إلى أنه حتى في السيناريوهات الأكثر تفاؤلا، تمثل هذه الزيادة تكلفة كبيرة على الأسر، مما يقلص قدرتها الشرائية ويؤثر سلبا على الاستهلاك العام والنمو الاقتصادي.
وعلى صعيد الإنتاج، تؤدي التعريفات الجمركية المرتفعة إلى زيادة تكاليف المدخلات وتعطيل سلاسل التوريد، مما يضعف القدرة التنافسية ويحد من الاستثمارات فضلا عن مفاقمة عدم اليقين السياسي وارتفاع التكاليف الناتج عن التعريفات في تقليص حجم الاستثمارات، خاصة في قطاع التصنيع.
ولفت إلى أنه نتيجة لهذه التعريفات المرتفعة، شهدت توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي لهذا العام تراجعا حادا، حيث انخفض الإجماع إلى 1.5 بالمئة، مقارنة بنسبة 2.2 بالمئة قبل "يوم التحرير" إذ يعد هذا التراجع مؤشرا واضحا على التأثير السلبي للتعريفات الجمركية الجديدة على آفاق النمو الاقتصادي.
وأوضح التقرير أن التعريفات الجمركية تمثل نوعا من الضرائب على الواردات، وتعمل كأداة لتوليد إيرادات للحكومة الفيدرالية، مما يسهم في تقليل العجز المالي.
وأشار إلى أنه وفقا لأكثر التقديرات تفاؤلا بشأن الأثر المالي، يمكن للتعريفات الجمركية الجديدة المفروضة حتى الآن أن تحقق إيرادات تصل إلى 2.3 تريليون دولار أمريكي خلال الفترة من 2026 إلى 2035.
واعتبر التقرير أنه على الرغم من أن ذلك يشكل زيادة كبيرة في موارد الحكومة، فإن التأثير السلبي للتعريفات على الاقتصاد قد يقلص مصادر الإيرادات المالية الأخرى فيما أن استمرار هذه التعريفات بعد نهاية ولاية الرئيس ترامب يبقى أمرا غير مؤكد.
وخلص التقرير إلى أن ارتفاع التعريفات الجمركية يشكل رياحا معاكسة قوية لتوقعات نمو الاقتصاد الأمريكي، حيث يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تقليص إنفاق الأسر، ويؤثر عدم اليقين وتزايد التكاليف سلبا على الإنتاج والاستثمار.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.