تلقى المجتمع الأمريكي خبر اغتيال تشارلي كيرك، الناشط المحافظ البارز وحليف الرئيس دونالد ترامب، بالصدمة، إذ وقع الحادث في حرم جامعة يوتا فالي بمدينة أوريم، بولاية يوتا، وأُصيب كيرك برصاصة في رقبته أثناء إلقائه خطابًا تحت خيمة تحمل شعار "أمريكا تعود مجددًا" أمام نحو 3000 من الشباب، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
وقد وصف ترامب ومسؤولون آخرون الحادث بأنه "اغتيال" و"لحظة مظلمة لأمريكا". ونقلًا عن بي بي سي، يعتقد المسؤولون أن كيرك أُطلق عليه الرصاص من أعلى سطح مبنى قريب من مكان إلقاء خطبته، حيث تتكشف مقاطع فيديو متداولة شخصًا يركض أعلى سطح مركز "لوسيي" (Losee Center) بعد إطلاق النار على كيرك.
البحث عن الجاني ومخاوف التضليل الإعلامي
وأطلقت الشرطة المحلية عملية بحث واسعة النطاق أملا في إلقاء القبض على مرتكب الجريمة. ورغم أن السلطات الأمنية لا تعتقد أن القاتل لا يزال داخل الحرم الجامعي، إلا أنها أطلقت سراح شخصين من المشتبه بهم تم احتجازهما سابقًا لعدم وجود أي صلة بينهما وبين الحادث، وأحد الموقوفين كان ناشطًا سياسيًا محليًا.
وفي أعقاب الحادث المأساوي، وقعت حالة من الفوضى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تم اتهام مواطن كندي متقاعد يُدعى مايكل مالينسون بالخطأ بأنه القاتل. وانتشرت صورة مالينسون بسرعة، مما أدى إلى تلقيه رسائل تهديد وإساءة.
وقد تبين أن الشائعة بدأت من حساب مزيف عبر منصة X، كما ساهم تطبيق جروك، وهو روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي، في التضليل المعلوماتي بتكرار هذه الأكاذيب في بعض ردوده، مما يسلط الضوء على خطورة الأخبار المضللة وسرعة انتشارها في لحظات الإقبال الكبير على الأخبار العاجلة.
حياة كيرك وتأثيره السياسي على الشباب
كان تشارلي كيرك، الذي توفي عن عمر يناهز 31 عامًا، أحد أبرز الشخصيات المحافظة في الولايات المتحدة. نشأ كيرك في ضاحية ثرية بشيكاغو، وهو ابن مهندس معماري صمم برج ترامب، ولم يكمل دراسته الجامعية ليتفرغ للعمل السياسي. في سن الثامنة عشرة، أسس منظمة Turning Point USA، بهدف نشر الأفكار المحافظة بين الشباب، وقد نمت المنظمة بشكل هائل، وقفزت إيراداتها من 4.3 مليون دولار في عام 2016 إلى 92.4 مليون دولار في عام 2023. وقد لعبت المنظمة دورًا مهمًا في حشد الدعم لترامب، الذي وصف كيرك بأنه "أسطورة".
وكان كيرك صديقًا مقربًا من دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس، وقد أصبح جزءًا من الدائرة المقربة للرئيس ترامب في البيت الأبيض. وكان كيرك يتمتع بجاذبية خاصة لدى الشباب، واستطاع أن يجعل دعم ترامب والقيم المحافظة يبدو "ممتعًا" و"ثوريًا" بالنسبة لهم، مما حولهم من جيل "متحفظ" لا يهتم بالشأن السياسي إلى "قادة رأي متمردين" كما وصفتهم إحدى عضوات منظمته.
مواقف مثيرة للجدل
لم يكن كيرك شخصية عادية، بل كان معروفًا بمواقفه المثيرة للجدل التي أثارت انتقادات واسعة. فقد اتُهم بمعاداة السامية بعد أن ألقى باللوم على اليهود في التحريض على الكراهية ضد البيض. كما كان له آراء مثيرة للجدل حول حقوق المثليين وقضايا الهجرة، ووصف كيرك حركة "حياة السود مهمة - Black Lives Matter" بأنها "تهديد وجودي" لأمريكا.
سياق العنف السياسي في أمريكا الآن
ويُعد اغتيال كيرك جزءًا من سلسلة من حوادث العنف السياسي التي شهدتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. قبل مقتل كيرك، شهدت البلاد محاولتي اغتيال لدونالد ترامب، واغتيال ميليسا هورتمان رئيسة مجلس النواب في ولاية مينيسوتا، والهجوم على منزل بول بيلوسي، زوج رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، بالإضافة إلى هجوم على النائب ستيف سكاليث في عام 2017. هذه الحوادث، التي لم تعد حكرًا على "الديمقراطيات غير المستقرة"، كما وصفها أحد الصحفيين، أصبحت جزءًا من النسيج الأمريكي، مما دفع مسؤولين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى إدانة العنف السياسي والدعوة إلى الحوار.