شهدت الفترة الأخيرة لجوء عدد من أعضاء أحزاب المعارضة إلى لجنة شؤون الأحزاب للفصل فى نزاعتهم الداخلية، هذا المشهد تكرر فى أكثر من حزب أبرزها "الإصلاح والتنمية " و"الدستور"، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها هذه الأحزاب، حيث تتداخل الخلافات الداخلية مع الجوانب التنظيمية والقانونية.
أزمات حزب الدستور
قال شفيق شعبان، رئيس لجنة الانتخابات القاعدية بحزب الدستور، إن القانون يمنح لجنة شؤون الأحزاب سلطتين فقط: رفض تأسيس الحزب من البداية مع حق الطعن أمام القضاء، أو طلب حل الحزب في حال وجود مخالفات مالية أو قانونية.

وأكد شعبان لـ"الرئيس نيوز"، أن اللجنة تقتصر وظيفتها الإدارية على تسجيل التطورات التي تحدث داخل الأحزاب، دون أن يكون لها صلاحية التدخل في شؤونها الداخلية أو حل هيئاتها القيادية.
وأشار إلى أن القانون أوجب على الحزب إخطار اللجنة بالبيان المتعلق برئيس الحزب أو تغييره لاستيفاء الشكل القانوني المطلوب، لكن اللجنة لا تملك أي دور آخر في هذا الشأن.
وشدد على أن الخلافات حول رئاسة الحزب تظل مسألة داخلية تُحسم وفقًا للنظام الأساسي أو ما يرتضيه الأعضاء، وهو ما أكدته المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر عام 1995.
وأضاف: أما بالنسبة للخلافات فهي بين أطراف تتنازع على قيادة الحزب وهذا راجع إلى أن الحزب متعدد الأيدلوجيات، وذلك نتيجه بدايه تكوينه عقب الثورة مباشرة، وهناك أطراف أعتقد أنها تعمل على عرقله عمل الحزب وللأسف من داخل الحزب نفسه.
وتابع: أساس الاختلاف هو الفهم الخاطئ لفكرة العمل السياسي والعمل الحزبي وعدم التفرقه بينهما، وأن الرأى لا يفرض بالقوة ولكن بالحوار، هذا الفهم أدى إلى اعتقاد بعض أعضاء الهيئة العليا أنهم فوق المحاسبة، وأن رأيهم هو الأولى بالتنفيذ وكل ما عداه هو موالاة للنظام،
ولفت إلى أن أهم القضايا التي أثارت الخلاف موضوع الانضمام للتيار الحر وترشح رئيسة الحزب لرئاسة الجمهورية، بالرغم من أن نفس الأعضاء هم الذين طلبوا منها الترشح، وحث الجمعية العمومية للانعقاد لإعداد برنامج لها فى وقت مبكر، إلا أنهم نفس المجموعة التى كانت تعمل على عدم التصويت لترشحها وهذه الواقعه كنت شاهدا عليها، وتوالت الانقسامات من هذه المجموعة رغم الدعوات للتهدئة ونبذ الخلاف لكن الإصرار على المواقف وعدم اللجوء للحوار والاعتذار عن الأخطاء طالما كانت هناك أخطاء أدى فى النهاية إلى وجود فريقين داخل الحزب، ونتمنى أن يلتئم الشمل خاصة أننا أعلنا عن انتخابات قيادة جديدة للحزب في 10 أكتوبر المقبل.
صراع داخلي في "الإصلاح والتنمية"
وفي تطور جديد يعكس عمق الأزمة داخل بعض الأحزاب المعارضة، كشف أسامة بديع، أمين الشباب بحزب الإصلاح والتنمية، عن أسباب لجوء عدد من أعضاء الحزب إلى لجنة شؤون الأحزاب، اعتراضًا على تعديلات أُدخلت على لائحة الحزب وُصفت بأنها "وهمية" ودون اتباع الإجراءات القانونية.

وأوضح بديع لـ"الرئيس نيوز"، أن التعديلات تمت "على الورق فقط" دون عقد المؤتمر العام أو حتى الهيئة العليا التي وافقت على إجراءات التعديل، أو عرضها على الأعضاء كما تنص اللائحة، لافتًا إلى أن المفاجأة كانت في موافقة اللجنة على هذه التعديلات، وهو ما دفع الأعضاء إلى التوجه إليها مجددًا للطعن عليها.
إصلاحات مرفوضة
وكشف أمين الشباب أن محاولات عدة جرت لإصلاح الأوضاع الداخلية بما يعزز الشفافية والديمقراطية، لكنها قوبلت بالرفض من رئاسة الحزب.
وأكد أن الحزب يعاني من أزمة بنيوية أعمق، حيث لم يتغير رئيسه منذ تأسيسه بقرار المحكمة بعد 2011، بل تم تعديل اللائحة سابقًا لمد ولايته، ولتحصينه من المساءلة الداخلية، واليوم تُجرى تعديلات جديدة لتمكينه من البقاء إلى ما بعد 2026.
وأشار إلى أن هذه التعديلات لم تقتصر على فتح مدد الترشح، بل شملت إقصاء من أعلنوا رغبتهم في المنافسة على رئاسة الحزب، وإلغاء منصب نائب الرئيس لحكومة الظل، وأيضًا نائب رئيس الحزب للمجمع الانتخابي، وحذف جميع اختصاصات أمين الشباب، لإضعاف دور الشباب داخل الحزب.
تناقض بين الخطاب والممارسة
وانتقد بديع ممارسات بعض الأحزاب المعارضة التي تطالب بالتداول السلمي للسلطة بينما لا تطبقه داخليًا، مؤكدًا أن المناصب تُورَّث للأبناء والأقارب، بل امتد الأمر إلى البرلمان الذي أصبح بدوره "توريثًا سياسيًا"، مما يساهم في خنق الحياة السياسية.
أزمة ثقة مع الشباب
وأكد أن العلاقة بين رؤساء الأحزاب وجيل الشباب تمثل أزمة حقيقية، مشيرًا إلى أن رئيس حزب الإصلاح والتنمية سبق أن أعلن عزمه ترك المنصب في 2026 لقيادة شبابية، لكنه في الوقت ذاته غيّر اللائحة بما يمنحه سيطرة أكبر على القرارات، بالإضافة إلى أنه على مدار ما يقرب من خمسة عشر عامًا تعمّد رئيس الحزب غلق العضويات بشكل كامل وواضح، معللًا ذلك بالمناخ العام، فهل المناخ العام منع انضمام أعضاء جدد للحزب، وأتاح انضمام أعضاء في نفس أسبوع الانتخابات فقط؟
وأضاف أن ذلك انعكس على نتائج الحزب في انتخابات 2020، حيث كان الأداء البرلماني والنيابي للحزب متواضعًا جدًا لأسباب كثيرة يعلمها رئيس الحزب نفسه وتحدث فيها أكثر من مرة، حيث اعتمد رئيس الحزب على الدفع بعدد من المرشحين لم يسبق لمعظمهم أي ممارسة سياسية قبل البرلمان، ولم يكونوا أعضاء في الحزب قبل تاريخ الانتخابات وتفاجأنا جميعًا بهم، بالإضافة إلى الدفع بنجله وشقيقه وصهره.
وأكمل: لأكون منصفًا فقد حاول نواب الحزب الاجتهاد بقدر كبير، ونجح بعضهم في القيام بدوره بشكل كبير، على سبيل المثال الدكتورة إيرن سيعد في مجلس النواب، والراحل عبد الخالق عياد في مجلس الشيوخ.
واشار إلى أن نفس الشيء تكرر في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 حيث دفع رئيس الحزب بأفراد من أسرته أو بمن تربطهم شبكة مصالح مع الأسرة – بينهم ابنه، وشريك ابنه، وزوجة شقيقه، وشريك شقيقه أيضًا – وهناك أنباء عن تعيين عضو آخر في الشيوخ شريك لشقيقه الثاني. جميع هؤلاء ليسوا أعضاء في الحزب ولم نعلم عنهم شيئًا إلا من وسائل الإعلام، وأنهم مرشحون عن حزب الإصلاح والتنمية، ليظهر الحزب في صورة "الحزب العائلي" بدلًا من كونه حزبًا سياسيًا معارضًا يطرح بدائل وسياسات تساهم في إصلاح حقيقي يلمسه المواطن المصري، والمفترض أنه شعار الحزب.
كما أوضح أن وضع الأحزاب أصبح بائسًا جدًا، حيث أصبح لدينا حزب للأسرة وحزب للعائلة وحزب للفرد الواحد وحزب للمصالح وغيرها، وهو ما ينذر بخطر شديد، حيث تتسبب مثل هذه الممارسات وعمليات التجريف والإقصاء الممنهج في عزوف الأجيال المختلفة، ليس الشباب وحدهم، عن ممارسة العمل السياسي من خلال قنواته الشرعية التي كفلها الدستور والقانون. وهو ما يحتاج إلى وقفة سريعة لإجراء إصلاحات حزبية حقيقية تشجع على المشاركة لا على العزوف، تتيح التمكين لا الإقصاء، وتفتح المجال لممارسة أكثر ديمقراطية لا ممارسة.
اقرأ أيضا:
وفي نفس السياق، أصدر حزب الإصلاح والتنمية بيانا اليوم الثلاثاء يتضمن قرارات اجتماع المكتب التنفيذي والهيئة العليا للحزب.

وجاء في البيان: في اجتماع طارئ لقيادات وأعضاء المكتب التنفيذي وأعضاء الهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية مساء أمس الإثنين وبعد نقاشات وإيضاحات لما أثير في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا على لسان أحد الأعضاء، تم الموافقة على الآتي:
1- إقرار ما تم في الاجتماعات والمؤتمرات السابقة خلال عام 2024 – 2025م.
2- استمرار تلقي طلبات ورغبات الأعضاء الراغبين في الترشح للانتخابات البرلمانية على مقاعد الفردي والقائمة في المحافظات المختلفة.
3- إقرار ما تم سابقًا من الاستمرار في الدخول في تحالفات انتخابية سواء في قائمة مجمعة أو مقاعد فردية بما يحقق مصلحة الحزب وأعضاؤه.
4- إحالة العضو المنسوب إليه الإساءة إلى الحزب ورئيسه وأعضاؤه إلى التحقيق أمام لجنة تشكل للاستماع إلى ما وُجه إليه من اتهام ودفاعه، مع مباشرة الأنشطة الحزبية لحين انتهاء التحقيق.
5- تنظيم دورات توعية وإصدار نشرات دورية لأعضاء الحزب حول مبادئ وأخلاقيات العمل الحزبي وآليات المساءلة.