شهد الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، احتفالية الإعلان عن الانتهاء من المرحلة الأولى من البرنامج القومي لتنمية مهارات اللغة العربية لطلاب المرحلة الابتدائية وإطلاق المرحلة الثانية، وذلك بالشراكة مع منظمة يونيسف وبدعم من التعاون الألماني ممثلًا في البنك الألماني للتنمية (KfW).
وجاء هذا البرنامج استجابة لدراسات كشفت عن ضعف الطلاب في مادة اللغة العربية، والقراءة والكتابة، وخاصة المرحلة الإبتدائية، والمدراس الخاصة بجميع أنواعها ومراحلها التعليمة.
نقلة نوعية
وفي هذا السياق قال الكاتب الصحفي والخبير في شؤون التعليم، رفعت فياض، إن ما شهدناه مؤخرًا من إطلاق وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني للمرحلة الأولى من البرنامج القومي لتنمية مهارات اللغة العربية لطلاب المرحلة الابتدائية، يمثل نقلة نوعية طال انتظارها في مسار إصلاح التعليم بمصر.

وأضاف خبير في شؤون التعليم، في تصريحات خاصة لـ" مصر تايمز" أن الاحتفالية التي حضرها الوزير الدكتور محمد عبداللطيف جاءت بالتعاون مع منظمة اليونيسيف العالمية والحكومة الألمانية ممثلة في بنك "KfW"، بعد دراسة وصفها بـ"الصادمة" كشفت حجم الفجوة الحقيقية في مستوى إتقان طلاب الابتدائي للغتهم الأم.
نتائج صادمة
وأوضح فياض أن الدراسة التي أجراها المركز القومي للامتحانات أظهرت أن 45% من طلاب الصف الرابع الابتدائي يعانون مشكلات كبيرة في القراءة وإتقان اللغة العربية، وهو ما اعتبره "كارثة حقيقية" تهدد جودة العملية التعليمية بأكملها، موكدا أن نصف طلاب المرحلة الابتدائية تقريبًا غير قادرين على قراءة وفهم لغتهم الأم بعد أربع سنوات دراسية، وهذا مؤشر خطير لا يمكن السكوت عنه.

خطة علاجية شاملة للطلاب والمعلمين
وأوضح فياض أن الوزارة بدأت بتنفيذ خطة موسعة شملت قياس مستوى مهارات اللغة العربية لدى نحو 490 ألف تلميذ في عشر محافظات، إلى جانب تدريب ألفي موجه لدعم المعلمين وتطوير طرق تدريسهم، إضافة أن الطالب الذي يحصل على أقل من 60% في تقييم اللغة العربية سيدخل برنامجًا علاجيًا خاصًا لتحسين مستواه، موضحًا أن الوزارة ستدرب نحو 6 آلاف معلم على أحدث الأساليب التربوية التي تجعل الطالب يحب مادة اللغة العربية ويتقنها قراءة وكتابة وفهمًا، مما سينعكس إيجابيًا على تحصيله في جميع المواد الدراسية الأخرى.
إصلاح الخلل في المدارس الدولية
وأشار فياض إلى أن الوزارة لم تتوقف عند المدارس الحكومية فقط، بل اتخذت خطوة تاريخية بإلزام المدارس الدولية والأجنبية مثل الـIG، والأمريكان دبلوما، والأبيتور الألمانية بتدريس مواد اللغة العربية والتربية الدينية والدراسات الاجتماعية بدءًا من الصف الأول الابتدائي وحتى الشهادة الإعدادية.
وتابع أنه لم يعد مقبولًا أن يتخرج الطالب من هذه المدارس وهو لا يتقن لغته، ولا يعرف تاريخه، ولا يلم بأساسيات دينه"، موضحًا أن مادتي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية ستضافان إلى المجموع بنسبة 20% (10% لكل مادة)، بينما ستكون التربية الدينية مادة نجاح ورسوب بشرط الحصول على 70% على الأقل.

تعاون دولي يفتح آفاقًا جديدة للتعليم
وأضاف فياض أن هذا البرنامج يأتي في إطار انفتاح أوسع للتعاون الدولي في مجال التعليم، حيث بدأت الوزارة بالفعل في تطبيق مناهج الرياضيات اليابانية على الصف الأول الابتدائي، إلى جانب التعاون مع إيطاليا في مجال التعليم الفني المزدوج، وهو ما يعزز قدرة الخريجين المصريين على المنافسة في السوق الأوروبية التي تحتاج بشدة إلى الكفاءات الفنية المؤهلة.
إصلاح اللغة مدخل لإصلاح التعليم كله
واختتم فياض، أن إذا أردنا إصلاح التعليم في مصر فعلينا أن نبدأ من الأساس، واللغة العربية هي هذا الأساس؛ ولا يمكن لطالب ضعيف في لغته أن يبرع في العلوم أو الرياضيات أو أي مادة أخرى، هذا البرنامج القومي خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه يحتاج متابعة دقيقة واستدامة حقيقية ليؤتي ثماره، ويحول هذا الواقع المؤلم إلى مستقبل واعد للأجيال القادمة.
اللغة العربية أساس لإصلاح التعليم ورفع جودة الخريجين
من جانبه قال خالد رمضان كامل، الخبير التربوي وموجه بالتعليم الفني الصناعي، إن البرنامج القومي لتطوير مهارات اللغة العربية يمثل خطوة جوهرية نحو رفع جودة مخرجات التعليم في مصر، مشيرًا إلى أن توحيد المعايير اللغوية يضمن حصول الطلاب على مستوى رفيع من التعليم اللغوي يمكنهم من فهم واستيعاب باقي المواد الدراسية.

وأضاف الخبير التربوي، في تصريحات خاصة لـ" مصر تايمز" لا يمكن أن نتحدث عن تطوير حقيقي دون أن نجعل اللغة العربية أساس هذا التطوير، لأنها مفتاح جميع العلوم والمعارف الأخرى، فمن يعجز عن القراءة والفهم سيواجه صعوبة في دراسة الرياضيات والعلوم والدراسات الاجتماعية وغيرها.
وأكد كامل أن التحديات الحالية تتطلب برامج تدريبية مكثفة للمعلمين، تركز على الأساليب الحديثة لتدريس اللغة العربية، بما يشمل مهارات الاستماع، التحدث، القراءة، والكتابة، موضحًا أن أغلب المعلمين يحتاجون إلى إعادة تأهيل تربوي وفقًا للمعايير الحديثة لضمان تحسين مستوى الطلاب في الصفوف الأولى، لأن أي خلل في هذه المرحلة ينعكس سلبيًا على جميع المراحل التالية.
وأوضح أن دمج تطوير اللغة العربية في مختلف الصفوف الدراسية لم يعد خيارًا بل ضرورة حتمية، وإذا أردنا جيلاً قادرًا على الفهم والتحليل والتفوق في جميع المسارات التعليمية، فيجب أن تكون مهارات اللغة العربية جزءًا أصيلًا من المنظومة، لا مادة ثانوية.
وأشار كامل إلى أن التعاون الدولي الذي تسعى وزارة التربية والتعليم إلى توسيعه في هذا المجال يعد فرصة مهمة لنقل الخبرات الناجحة من دول متقدمة مثل سنغافورة وفنلندا، شريطة أن يتم تكييف هذه الخبرات بما يتلاءم مع الثقافة المصرية والعربية.
وتابع الخبير التربوي أن هذه الخطوة سيكون لها أثر إيجابي مباشر على التعليم الفني والتكنولوجي وكذلك مسارات التعليم الدولية مثل البكالوريا الدولية، حيث ستعزز اللغة التخصصية لكل مجال، وترفع من قدرة الطلاب على التواصل العلمي والمهني، الأمر الذي سيزيد من قيمة خريجي التعليم الفني ويرفع من فرص توظيفهم محليًا ودوليًا.
واختتم أن اللغة العربية ليست مجرد مادة دراسية، بل هي وعاء الهوية ووسيلة الفهم وبوابة التفوق، وإذا نجحنا في غرسها بشكل صحيح منذ السنوات الأولى، فسنضع الأساس الصلب لتعليم عصري قادر على تخريج جيل مؤهل ومتمكن."


إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.