أظهرت بيانات رسمية صادرة عن هيئة الإحصاء الوطنية اليونانية أن اقتصاد اليونان سجل نموًا ملحوظًا خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 0.6% مقارنة بالربع السابق، وهو ما يعكس استعادة تدريجية للزخم الاقتصادي مدفوعة بانتعاش الاستثمارات، رغم الضغوط التي يشهدها الاستهلاك المحلي.
وبحسب البيانات الأولية، فقد أسهمت الاستثمارات الثابتة في دفع عجلة النمو، حيث شهدت ارتفاعًا واضحًا بفضل مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر المدعومة باستقرار بيئة الأعمال وتحسن التصنيف الائتماني للبلاد.
في المقابل، شهد الاستهلاك الإجمالي – الذي يُعد مكونًا رئيسيًا للناتج المحلي – تراجعًا طفيفًا نتيجة استمرار الضغوط التضخمية وارتفاع تكاليف المعيشة، ما حدّ من قدرة الأسر على الإنفاق. ومع ذلك، فإن الأداء القوي للقطاع الاستثماري كان كافيًا لتعويض هذا التراجع ودفع الاقتصاد نحو النمو الإيجابي.
وعلى أساس سنوي، نما الاقتصاد اليوناني بنسبة تقارب 1.9% مقارنة بالربع نفسه من عام 2024، ما يعكس استمرار التعافي بعد فترة من التباطؤ المرتبط بالظروف الاقتصادية العالمية وعدم استقرار أسواق الطاقة.
إلى جانب الاستثمار، لعبت السياحة – أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد اليوناني – دورًا داعمًا في النمو، حيث شهد موسم الصيف ارتفاعًا في أعداد الزوار الأوروبيين والأمريكيين، وهو ما انعكس إيجابًا على قطاعي الخدمات والتجزئة. كما ساهمت الصناعات التحويلية وقطاع الشحن البحري في دعم النشاط الاقتصادي، مستفيدة من الموقع الاستراتيجي لليونان كمركز لوجيستي في شرق المتوسط.
رغم النتائج الإيجابية، لا يزال الاقتصاد يواجه مجموعة من التحديات، أبرزها استمرار معدلات التضخم عند مستويات أعلى من المتوسط الأوروبي، وضغوط سوق العمل، إضافة إلى مخاطر محتملة مرتبطة بتقلب أسعار الطاقة عالميًا. كما يراقب المستثمرون عن كثب سياسات البنك المركزي الأوروبي بشأن أسعار الفائدة، لما لها من تأثير مباشر على تكلفة الاقتراض والاستثمار.
تتوقع الحكومة اليونانية أن يحافظ الاقتصاد على مسار نمو إيجابي خلال النصف الثاني من العام، مدعومًا بتدفق التمويلات الأوروبية ضمن خطة التعافي والمرونة، بالإضافة إلى استمرار المشاريع الاستثمارية الكبرى. ومع ذلك، فإن وتيرة النمو قد تبقى مرتبطة بقدرة البلاد على احتواء التضخم وتعزيز القوة الشرائية للأسر.
ويرى محللون اقتصاديون أن الحفاظ على هذا المسار يتطلب إصلاحات هيكلية إضافية تشمل تحسين بيئة الأعمال، وتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي، والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار لتعزيز القدرة التنافسية لليونان على المدى الطويل.
يمثل تسارع النمو في الربع الثاني إشارة إيجابية للأسواق المالية الأوروبية التي تراقب عن كثب أداء الاقتصادات الطرفية في منطقة اليورو، حيث تُعد اليونان نموذجًا مهمًا لنجاح سياسات الإصلاح المالي والاقتصادي في تحقيق الاستقرار والنمو المستدام بعد أكثر من عقد من الأزمات.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.