قرر البنك المركزي المصري، يوم الخميس الماضي، خفض أسعار الفائدة بنسبة 2% (200 نقطة أساس)، لتستقر عند 22% للإيداع و23% للإقراض، و22.5% لسعر العملية الرئيسية، ويعد هذا القرار الثالث من نوعه خلال عام 2025، بعدما سبقه خفضان في أبريل ومايو، بما يعكس قناعة متنامية لدى صناع القرار بأن الاقتصاد المحلي تجاوز مرحلة الضغوط التضخمية إلى أفق يسمح بالتحفيز التدريجي للنمو.
التقارير الاقتصادية المتخصصة ترى أن هذا الخفض ليس مجرد خطوة تقنية مرتبطة بمؤشرات الأسعار، بل يمثل تحولًا في فلسفة إدارة الاقتصاد الكلي، حيث يعاد رسم العلاقة بين ضبط التضخم وتحفيز النشاط الاقتصادي، مع إلقاء الضوء بشكل خاص على قطاع التمويل العقاري الذي يُعد من أكثر القطاعات حساسية تجاه التغيرات في أسعار الفائدة.
تأثير خفض الفائدة على التضخم والنشاط الاقتصادي
خفض الفائدة بهذه النسبة يهدف إلى إيجاد توازن دقيق بين كبح جماح التضخم الذي سجل خلال الشهور الماضية منحنى هبوطيا ملحوظا، وبين الحاجة الملحة لتنشيط الاقتصاد الحقيقي عبر تشجيع الاقتراض.
فالسياسة النقدية التي كانت متشددة لفترة طويلة لمواجهة موجات التضخم المرتفعة، بدأت تتحول تدريجيا إلى نهج أكثر مرونة يتيح للأفراد والشركات استعادة قدرتهم على التمويل والاستثمار.
هذه المرونة لا تقتصر على الأرقام الرسمية فقط، بل تمتد إلى تحسين السيولة في السوق المالية، وإعادة تنشيط حركة الأموال بين البنوك والقطاعات الاقتصادية، بما يعيد التوازن إلى دورة رأس المال داخل الاقتصاد.
تأثير خفض الفائدة على مبادرات التمويل العقاري
يتوقع أن تكون مبادرات التمويل العقاري في صدارة القطاعات المستفيدة من هذا القرار، إذ يؤدي انخفاض الفائدة إلى تراجع تكلفة الاقتراض على العملاء، ما يجعل الحصول على قروض لشراء الوحدات السكنية أكثر سهولة، وتتحول هذه الانعكاسات تدريجيًا إلى زيادة الطلب على العقارات، وهو ما يمنح السوق دفعة قوية بعد سنوات من الضغوط التمويلية.
وبحسب قراءة اقتصادية متخصصة، فإن خفض الفائدة يفتح الباب أمام صياغة شروط تمويل أكثر مرونة، مع إمكانية زيادة فترات السداد أو تقليل الأعباء الشهرية على العملاء، بما يدعم توجه الدولة في تعزيز فرص الحصول على سكن مناسب لشرائح أوسع من المواطنين.
المطورون العقاريون بين استفادة مضاعفة وفرص توسع
لا يتوقف تأثير القرار عند حدود العملاء الأفراد، بل يمتد إلى المطورين العقاريين الذين يجدون في زيادة الطلب حافزا لتوسيع نشاطهم وإطلاق مشروعات جديدة، فكلما انخفضت تكلفة التمويل وزادت شهية العملاء للشراء، تعززت قدرة الشركات على الدخول في استثمارات أكبر، وهو ما ينعكس إيجابا على قطاع البناء والتشييد وسلاسل التوريد المرتبطة به.
هذه الدورة المتكاملة، من تمويل أرخص، إلى طلب أعلى، إلى توسع في المشروعات، تضع السوق العقارية في موقع محوري داخل عملية التعافي الاقتصادي، وتخلق فرصا أوسع للمستثمرين المحليين والأجانب على السواء.
التمويل العقاري وجذب الاستثمارات
اللافت أن تأثير خفض الفائدة لا ينحصر في سوق العقارات وحده، بل يتجاوزها إلى كون التمويل العقاري أداة استراتيجية لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة، فالقطاع العقاري يشكل أحد أعمدة الاقتصاد المصري، وعندما تنخفض تكلفة التمويل يصبح قاطرة قادرة على جذب الاستثمارات، وتحريك الصناعات المرتبطة من حديد وأسمنت وأخشاب ومواد بناء، فضلًا عن خلق فرص عمل جديدة وتحريك الطلب المحلي.
وبذلك يتحول قرار البنك المركزي إلى أكثر من مجرد تعديل في السياسة النقدية؛ إنه رسالة بأن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة توجيه للسيولة نحو قطاعات إنتاجية وخدمية، يأتي العقار في مقدمتها.
ومما لا شك فيه، أن قرار خفض الفائدة بنسبة 2%، يمثل محطة مفصلية في مسار الاقتصاد المصري خلال 2025، إذ يفتح المجال أمام تنشيط المبادرات التمويلية العقارية بشكل خاص، ويخلق دورة إيجابية تبدأ من خفض تكلفة الاقتراض وتمتد إلى نمو الاستثمارات وزيادة المعروض العقاري وتحفيز التنمية الشاملة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
