أرامكو السعودية تتجه لخفض سعر الخام الخفيف لآسيا بعد زيادة مفاجئة في سبتمبر

تشير تقديرات أولية إلى أن شركة أرامكو السعودية تستعد لخفض السعر الرسمي لبيع خامها الأشهر، "العربي الخفيف"، إلى الأسواق الآسيوية خلال شهر أكتوبر المقبل، بنحو 50 سنتًا للبرميل فوق متوسط أسعار خامي عمان/دبي. جاء ذلك وفق استطلاع أجرته وكالة "بلومبرغ" شمل سبعة من أبرز المتعاملين والمحللين في أسواق الطاقة.

ويأتي هذا الاتجاه بعد الزيادة المفاجئة التي أقرتها أرامكو لأسعار شحنات سبتمبر، حيث حددت علاوة البيع عند 3.20 دولار للبرميل، بزيادة قدرها دولار واحد عن الشهر السابق، متجاوزة توقعات السوق التي رجّحت زيادة لا تتخطى 90 سنتًا فقط. هذه الخطوة فُسرت على أنها انعكاس لقوة الطلب في السوق الآسيوية، غير أن مؤشرات الشهر المقبل توحي بضرورة تعديل الأسعار للحفاظ على التوازن التنافسي.

مراقبة لصيقة من الأسواق

من المقرر أن تعلن أرامكو الأسعار الرسمية في الأيام الخمسة الأولى من سبتمبر، وسط متابعة دقيقة من الأسواق العالمية لتوجهات أكبر مصدّر للنفط في العالم. ويأتي هذا القرار في ظل تقلبات حادة تشهدها أسعار الخام عالميًا، حيث يتواصل التراجع منذ بداية أغسطس، ما يرجّح أن يسجل النفط أول خسارة شهرية منذ أبريل الماضي، وهو الشهر الذي تأثرت فيه معظم السلع الأساسية بسبب تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.

دور أوبك+ في ضبط التوازن

تقود السعودية تحالف "أوبك+" في استراتيجية لزيادة الإنتاج بهدف تعزيز الحصة السوقية، حيث تم الاتفاق على رفع الإمدادات بنحو 547 ألف برميل يوميًا في سبتمبر، بعد زيادة مماثلة في أغسطس. هذا التوسع في المعروض يُعد سيفًا ذا حدين، فمن جهة يدعم الطلب المتنامي على وقود النقل ويعزز هوامش التكرير، لكنه من جهة أخرى قد يشكل ضغطًا هبوطيًا على الأسعار إذا لم يتوافق مع قوة الطلب العالمية.

تصريحات أرامكو

الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أمين الناصر، أكد في وقت سابق أن "القوة في أساسيات سوق النفط تدعم الطلب على نفطنا ومنتجاتنا"، مشيرًا إلى أن التوقعات تفيد بزيادة استهلاك الخام في النصف الثاني من العام بأكثر من مليوني برميل يوميًا مقارنة بالنصف الأول. وأضاف الناصر أن الأسواق الآسيوية، خاصة الصين والهند وكوريا الجنوبية، ستظل المحرك الرئيسي لنمو الطلب خلال الفترة المقبلة.

تحديات أمام الأسعار

ورغم التفاؤل الرسمي، يرى العديد من المحللين أن زيادات إنتاج "أوبك+" قد تُثقل كاهل الأسعار على المدى المتوسط. وتتوقع بنوك استثمار عالمية مثل "جيه بي مورغان" و"غولدمان ساكس" تراجع أسعار النفط إلى حدود 60 دولارًا للبرميل خلال الربع الرابع من العام، خاصة إذا استمر تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتراجعت وتيرة استهلاك الطاقة.

كما تراقب الأسواق باهتمام تداعيات التوترات الجيوسياسية، ولا سيما تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات إضافية على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، وعلى الدول المستوردة لنفطها. مثل هذه الخطوات قد تعيد تشكيل خريطة تجارة النفط وتدفع بعض الدول الآسيوية إلى تعزيز عقودها مع السعودية ومصادر أخرى لتأمين الإمدادات.

التوقعات المستقبلية

في ضوء هذه المعطيات، يُرجح أن تعتمد أرامكو سياسة تسعيرية أكثر مرونة في أكتوبر، بما يوازن بين الحفاظ على جاذبية أسعارها في الأسواق الآسيوية ومواجهة التحديات الناتجة عن وفرة المعروض. ويظل القرار النهائي رهين تطورات الأيام المقبلة، خاصة صدور بيانات اقتصادية من الصين والولايات المتحدة، اللتين تمثلان أكبر مستهلكين للطاقة عالميًا.