بريطانيا.. تباطؤ سوق العمل “صداع برأس الحكومة”
تحت عنوان “قد تكون علامات تباطؤ سوق العمل في المملكة المتحدة بمثابة صداع لريفز”، ألقت صحيفة الغارديان البريطانية، الضوء على واقع سوق العمل في المملكة المتحدة.
وقال كاتب التحليل لاري إليوت، إنه:
- على مدى السنوات القليلة الماضية لم يكن هناك سوى اهتمام سطحي بأرقام البطالة في المملكة المتحدة، لأن معدلها كان منخفضًا وكانت هناك الكثير من الوظائف الشاغرة لمن يبحثون عن عمل.
- بسبب تباطؤ الاقتصاد والقرارات التي اتخذتها وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، في ميزانية الشهر الماضي، قد يكون هذا ا لأمر على وشك التغيير.
- على مدى الأشهر القليلة المقبلة، سيتم التدقيق في كل إصدار بشأن حالة سوق العمل لمعرفة مدى تأثير الإعلانين اللذين أصدرتهما ريفز الشهر الماضي على الوظائف.
وأكد أن قرار زيادة الحد الأدنى للأجور الوطنية بنسبة 6.7 بالمئة وزيادة مساهمات أصحاب العمل في التأمين الوطني سيكون له بعض التأثير، ولكن الأمر سيستغرق أشهراً لتقييم مدى ضخامة هذه التأثيرات.
وبيّن الكاتب أن الخبر السار بالنسبة لريفز هو أنها دفعت تكاليف التوظيف إلى الارتفاع، في حين أن سوق العمل في حالة جيدة إلى حد كبير، مشيرًا إلى أن معدل البطالة في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر بلغ 4.3 بالمئة، ارتفاعاً من 4 بالمئة في الأشهر الثلاثة حتى أغسطس.
وأوضح أن المشاكل التي يواجهها مكتب الإحصاءات الوطنية مع البيانات الخاصة بمسح القوى العاملة تعني أن هذه الزيادة يجب التعامل معها بحذر، خاصة وأنه ما زال معدل البطالة في بريطانيا منخفض وفقًا للمعايير التاريخية.
وأضاف الكاتب أن الخبر الأقل سرورًا بالنسبة لريفز هو أن هناك بعض العلامات التي تشير إلى تباطؤ سوق العمل، حيث انخفض مقياس بديل لحساب نمو الوظائف، مشيرًا إلى أن أرقام الرواتب الصادرة عن هيئة الإيرادات والجمارك ــ بنحو 5000 وظيفة في أكتوبر، وانخفض في خمسة من الأشهر السبعة الماضية.
وذكر أن عدد الوظائف الشاغرة انخفض بنحو 35 ألف وظيفة في الأشهر الثلاثة حتى أكتوبر، وبات عند 831 ألف وظيفة، وهو أعلى قليلاً من مستويات ما قبل الجائحة.
وقال الكاتب إن الأمر في ظاهره، يرسم ارتفاع متوسط نمو الأرباح من 3.9 بالمئة في الأشهر الثلاثة حتى أغسطس إلى 4.3 بالمئة في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر صورة أقوى، لكن المقارنات السنوية مشوهة بسبب المدفوعات لمرة واحدة لموظفي الخدمة المدنية في صيف عام 2023.
ونقل كاتب الغارديان عن كبير خبراء الاقتصاد في دويتشه بنك في المملكة المتحدة، سانغاي راجا، قوله إن الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية تشير إلى تخفيف مطرد في سوق العمل، وهو ما يجعل من الأسهل على بنك إنجلترا خفض أسعار الفائدة ولكنه يخلق صداعا محتملا لريفز.
وأكد الكاتب أن في الوقت الحالي، لا يوجد ما يدعو ريفز للقلق، ولكن كما يلاحظ راجا: “هناك بعض الشقوق التي تظهر في سوق العمل حتى قبل أن تبدأ تدابير الميزانية في إحداث التأثير المطلوب”.
عوامل أثرت على سوق العمل بالمملكة
من جهته، أوضح عضو حزب العمال البريطاني، مصطفى رجب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن اقتصاد المملكة المتحدة يشهد ركودًا نسبياً بسوق العمل، وهو ما أدى إلى وجود عدد كبير من العاطلين مع تباطؤ نمو الأجور.
وقال إن:
- سوق العمل البريطانية تتأثر بالحالة الاقتصادية للبلاد والتقدم التكنولوجي، إضافة إلى الإضرابات والتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.
- عدم استقرار الحالة الاقتصادية ينتج عنه عدم توافر فرص عمل بالمتاجر والمصانع، نظرًا لضغوطات العرض والطلب الأمر الذي ينتج عنه عدم الحاجة لتوظيف العمال تلبيةً لاحتياجات السوق.
- التكنولوجيا لها أثر كبير على سوق العمل، خاصة وأنها سمحت بإلغاء العديد من الوظائف والأعمال، واستبدالها بالذكاء ا لاصطناعي، على سبيل المثال في قطاع النقل والمواصلات، تم الاستغناء عن وظيفة المُحصل، وأصبحت بعض القطارات دون سائقين، وأيضًا بوابات الدخول والخروج باتت إلكترونية، الأمر الذي أثر على سوق العمالة وزيادة البطالة.
- عدم استقرار الوضع السياسي وتكرر المظاهرات والإضرابات أدى لإغلاق بعض المتاجر والمصانع والاستغناء عن العمالة.
وأكد أن الوضع تأزم في سوق العمل، في ظل عدم نية المؤسسات توفير وظائف جديدة بفعل حجم الضغوط الشرائية عليها والضغوط الضريبية، مشيرًا إلى أن الحكومة البريطانية تحاول تقديم مساعدات مالية للعاطلين لكنها لا يمكن أن تصل بالمواطن أن يعيش حياة جيدة لأنها غير كافية لسد احتياجاته.
ونوه إلى بأن الوضع قد يصل إلى حد الفوضى ما يعكس وجود قلق بالأسواق، وأن تلك الأزمة نتج عنها انتشار الجريمة التي ارتفعت معدلاتها، مستدلًا على ذلك بحدوث وقائع عديدة للسرقات بالمتاجر من قبل العاطلين الذين أصبحوا يستعملون العنف في السرقة حتى يستطيعوا سد احتياجاتهم.
الزيادات الضريبية
أما الخبير الاقتصادي، عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية هاشم عقل قال في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن سوق العمل في المملكة المتحدة يواجه ضغوطاً بشكل متزايد، كما أن البطالة آخذة في الارتفاع، في ظل استمرار عدم النشاط.
وأوضح أن أصحاب العمل يرون أن الزيادات الكبيرة في السنوات الأخيرة، تعكس إلى حد كبير الارتفاع في التضخم، إضافة إلى ممارسة ضغوط عليهم لرفع أسعارهم أو خفض التوظيف، وأن هذا ما حدث فعلا باللجوء إلى خفض التوظيف.
وأشار إلى أن سوق العمل في المملكة المتحدة شهدت تباطؤاً في سبتمبر من العام الجاري 2024، حيث ارتفعت معدلات البطالة وتباطأ نمو الأجور، لافتًا إلى أن ذلك جاء في وقت حذرت فيه المؤسسات من أن الموازنة قد تؤثر على الطلب على التوظيف وارتفاع الأسعار.
وقال إن الشركات بعد إعلانها عن زيادات ضريبية في الموازنة، شملت رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة مساهمات التأمين الوطني التي قال رؤساء الشركات إنها قد تؤدي إلى خفض التوظيف، أصبحت الشركات مجبرة على رفع الأسعار، وتأجيل خطط التوظيف والاستثمار، والبحث عن طرق لخفض التكاليف، مشيرًا إلى أن هناك حد لمقدار التكاليف الإضافية التي يمكن استيعابها.
وأكد أن أرقام البطالة المرتفعة نسبياً جاءت في ظل مخاوف متزايدة حول تكاليف العمالة المتصاعدة، والتي من المتوقع أن ترتفع بعد زيادة كلف التأمين الوطني الشهر الماضي، وقانون حقوق العمال، وهو ما أدى لزيادة قيمة الأجور، ما أدى إلى التراجع عن مزيد من التوظيف مما أسهم أيضا في زيادة البطالة.
وأشار إلى أن آخر الإحصاءات قالت إن أكثر من 9 ملايين شخص في المملكة المتحدة خارج القوة العاملة، ما يعني أنهم ليسوا في وظائف أو يبحثون عنها، لافتًا إلى أن تراجع التوظيف في الفترة الأخيرة يشير إلى تباطؤ سوق العمل البريطانية، وهو ما سمح لبنك إنجلترا بوقف سلسلة من الزيادات القوية لأسعار الفائدة المصممة لتهدئة الضغوط المتصاعدة على الأجور والأسعار.
- استقر نمو الأجور في المملكة المتحدة في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر مع توقف التوظيف، وفقاً لبيانات رسمية تؤكد وجهة نظر بنك إنجلترا بأن الضغوط في سوق العمل تتراجع ببطء.
- قالت هيئة الإحصاءات الوطنية البريطانية يوم الثلاثاء الماضي إن النمو السنوي في متوسط الدخل الأسبوعي في القطاع الخاص بلغ 4.8 بالمئة في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر، دون تغيير عن الفترة الثلاثة حتى أغسطس.
- كان الرقم هو الأدنى منذ شتاء 2021-2022 وكان متماشيا مع التوقعات التي نشرها البنك المركزي الأسبوع الماضي، عندما خفض أسعار الفائدة إلى 4.75 في المائة وقال إن المزيد من التيسير سيكون “تدريجيا”.
وأظهرت أرقام منفصلة تستند إلى مسح القوى العاملة الذي أجراه مكتب الإحصاءات الوطنية ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3 بالمئة في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر، من 4 بالمئة قبل شهر واحد فقط. كما ارتفع عدد المطالبين بإعانات البطالة، الذي يعكس طلبات الإعانة، بنحو 27600 في أكتوبر، بعد زيادة أقل في الشهر السابق، ليبلغ 1.806 مليون.