الأثرياء البريطانيون ينتقلون للخارج خوفاً من الزيادة الضريبية الوشيكة
ارتفع عدد البريطانيين الأثرياء الذين يتطلعون إلى الانتقال إلى الخارج منذ فوز حزب العمال في الانتخابات، مع تزايد مخاوفهم بشأن نطاق الضريبة الوشيكة التي تنوي وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، تنفيذها على أصحاب الدخول المرتفعة. وشهدت إحدى الشركات التي تقدم خدمات الانتقال للأفراد ذوي القيمة الصافية العالية ارتفاعاً بنسبة 69% في الاستفسارات في أغسطس، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. ويقول مديرو الثروات، إن القلق بشأن خطط الحكومة الضريبية في ميزانية الخريف يدفع الطلب، مع خطط لجعل الثروة العالمية لغير المقيمين خاضعة لضريبة الميراث في المملكة المتحدة، ما يمثل «المسمار الأخير في نعش» الاستقرار في بريطانيا للعديد من المقيمين.
وحذر رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر، من أنه ستكون هناك زيادات ضريبية، وأن «أولئك الذين لديهم ثروات أوسع يجب أن يتحملوا العبء الأثقل»، كما أن عدم اليقين بشأن التغييرات الضريبية له تأثير شديد في سوق العقارات الراقية في بريطانيا، في ظل انخفاض عدد المعاملات، وتأخر المشترين الأثرياء في الالتزام بالمملكة المتحدة.
من المفهوم أن الحكومة تدرس مجموعة من الزيادات الضريبية المحتملة، بما في ذلك زيادة ضريبة مكاسب رأس المال، وخفض الإعفاء الضريبي على المعاشات التقاعدية لأصحاب الدخول العالية.
ويقول الشريك الضريبي في شركة «آر إس إم» لتدقيق الضرائب، كريس إيثرينغتون، إن شركته تشهد زيادة في الاستفسارات من البريطانيين الأثرياء. وقال: «يعيد الناس تقييم أنماط حياتهم وما إذا كان هذا هو المكان المناسب للعيش». ويقول مستشارو الضرائب، إنهم شهدوا أيضاً «ارتفاعاً هائلاً» في الاستفسارات، حيث يتطلع رواد الأعمال إلى بيع أو نقل الأصول قبل الميزانية، على أمل تقليل تعرضهم لضريبة مكاسب رأس المال.
وتقول الشريكة في قسم الضرائب على الشركات في شركة «كلارك ويلموت» للمحاماة، كيم كلان: «تلقيت مكالمات هاتفية قال فيها أحد العملاء: إذا لم أقم بذلك بحلول 30 أكتوبر، فقد يؤثر هذا في تخطيطي التقاعدي بالكامل».
ويشير التحليل الأخير إلى أن بريطانيا في طريقها إلى خسارة 9500 مليونير هذا العام، وهو رقم قياسي أكثر من أي دولة أخرى في العالم، باستثناء الصين.
وتقول شركة «هينلي آند بارتنرز» التي تساعد المستثمرين الأثرياء على الانتقال إلى الخارج، إن المملكة المتحدة تكبدت خسارة صافية قدرها 4200 مليونير في الأشهر الخمسة الأولى من العام، ومن المتوقع أن يرحل 5300 آخرون قبل نهاية العام. ويختار معظمهم دبي كوجهة، على الرغم من أن سويسرا والبرتغال وإيطاليا وقبرص تحظى بشعبية أيضاً.
ويقول مدير مكتب الشركة في لندن، ستيوارت واكيلينغ: «قد يكون الكثير من الناس سعداء بتغيير الحكومة، لكننا شهدنا ارتفاعاً في عدد الأشخاص منذ الانتخابات الذين يريدون تأمين رهاناتهم أو الحصول على خطة بديلة». ويضيف: «هناك دائماً عدد من العوامل تدفع الناس إلى الانتقال إلى الخارج، لكن الضرائب هي واحدة من العوامل الرئيسة هذا العام. ويشعر آخرون بالقلق إزاء الطريقة التي تسير بها المملكة المتحدة مع الجريمة والإرهاب. إنهم يريدون شيئاً أكثر أماناً وهدوءاً، ويريد البعض فقط تغييراً في نمط الحياة أو طقساً أفضل».
ويضيف مدير الخدمات الضريبية في «هينلي آند بارتنرز»، بيتر فيريغنو: «كان هناك حديث كثير عن القوارب الصغيرة التي تعبر القناة، لكن لا أحد ينظر إلى الطائرات الخاصة التي تتجه في الاتجاه الآخر، أسمّيها مشكلة الطائرات الصغيرة».
وإذا ثبتت صحة التنبؤ فهذا يعني أن بريطانيا ستخسر أربعة أضعاف عدد المليونيرات هذا العام، مقارنة بروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا مجتمعة. روسيا في حالة حرب مع أوكرانيا، وانتخبت البرازيل أخيراً زعيماً يسارياً، وجنوب إفريقيا تعاني الجريمة. الصين فقط هي التي ستخسر عدداً أكبر من أصحاب الملايين مقارنة ببريطانيا، بخسارة صافية قدرها 15200 هذا العام، حيث يكافح اقتصاد البلاد للهروب من أزمة العقارات وتأثيرات الوباء.
ويقول المحرر السابق لمجلة سبيرز لإدارة الثروات، أليك مارش: «لسوء الحظ منذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، كانت بريطانيا تعاني (لمسة ميداس العكسية)، حيث تكافح للاحتفاظ بمكانتها على الطاولة الأولى لجذب الثروة العالمية، بينما تظل العديد من أساسياتنا دون تغيير. الأساسيات مثل اللغة الإنجليزية، وسيادة القانون، والمنطقة الزمنية وما إلى ذلك، هناك مجموعة من العوامل المثبطة للأثرياء والأفراد الأكثر تنقلاً عالمياً، حيث تعد هذه التغييرات بمثابة المسمار الأخير في نعش الاستقرار». ويضيف: «عندما يتعلق الأمر بالأثرياء الدوليين، فإن بريطانيا مغلقة أمام الأعمال التجارية».
وتقول هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية، إن هناك 74 ألفاً من غير المقيمين في المملكة المتحدة، يدفع 37800 منهم رسوماً قدرها 30 ألف جنيه إسترليني سنوياً للاحتفاظ بهذا الوضع الضريبي، بعد أن كانوا مقيمين في البلاد لأكثر من سبع سنوات. ويشير التحليل الذي أجرته جامعة وارويك، وكلية لندن للاقتصاد، إلى أن غير المقيمين لديهم ما لا يقل عن 10.9 مليارات جنيه إسترليني مجتمعة من الدخل والمكاسب الخارجية التي لا تخضع للضريبة البريطانية.
وتُظهر أحدث الأرقام من هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية أن 37800 من غير المقيمين الذين يدفعون رسوماً لوضعهم، يسهمون بمبلغ 6.5 مليارات جنيه إسترليني سنوياً في ضريبة الدخل، والتأمين الوطني، ومكاسب رأس المال على دخلهم وأصولهم في المملكة المتحدة، أي ما يعادل أكثر من 170.000 جنيه إسترليني لكل منهم، وهذا دون مراعاة ضريبة القيمة المضافة التي يدفعونها على إنفاقهم.
وفي مارس تعهدت الحكومة المحافظة بالحد من هذه الإعفاءات الضريبية، من خلال تقليص الوقت قبل أن يبدأ غير المقيمين في دفع الضرائب على دخلهم في الخارج من 15 إلى أربع سنوات، وكان من المتوقع أن تستقطب هذه الخطوة نحو ثلاثة مليارات جنيه إسترليني سنوياً.
ومنذ انتخابه، تعهد حزب العمال بتمديد هذه الحملة الصارمة، من خلال إخضاع أصول غير المقيمين في الخارج لضريبة الميراث في المملكة المتحدة، إذا عاشوا في بريطانيا لأكثر من 10 سنوات. وقالت وزيرة الخزانة، إن هذا القرار – إلى جانب الخطط لإزالة الخصم الذي يحصل عليه غير المقيمين على الدخل الأجنبي الذي يجلبونه إلى المملكة المتحدة – من شأنه أن يجمع 2.5 مليار جنيه إسترليني أخرى سنوياً.
ومع ذلك، يشير التحليل الذي أجرته شركة الاستشارات «أكسفورد إيكونوميكس» إلى أنه بدلاً من توليد المال، قد تؤدي الخطط إلى خسارة قدرها 900 مليون جنيه إسترليني سنوياً من خزانة الدولة. وتقول الشركة إنه في أفضل السيناريوهات، فإن المقترحات ستؤدي إلى مغادرة 5000 من غير المقيمين للمملكة المتحدة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وهذا يعني أن التغييرات لن تستقطب سوى 1.3 مليار جنيه إسترليني سنوياً. ومع ذلك، في أسوأ السيناريوهات، فإن نحو 25 ألفاً سيغادرون، وهذا يعني أن السياسة ستؤدي إلى خسارة 900 مليون جنيه إسترليني سنوياً من قِبل مصلحة الضرائب.
وهناك أيضاً مخاوف من أن الزيادة الكبيرة في ضريبة مكاسب رأس المال، مثل مواءمة المعدلات مع ضريبة الدخل – والتي من شأنها أن ترفع الضريبة المحددة من 20 إلى 28% إلى 40 إلى 45% لأصحاب الدخول العالية – قد تؤدي أيضاً إلى خفض عائدات الخزانة. عن «التايمز» اللندنية
• منذ انتخابه، تعهد حزب العمال بتمديد حملة الضرائب الصارمة، من خلال إخضاع أصول غير المقيمين في الخارج لضريبة الميراث في المملكة المتحدة إذا عاشوا في بريطانيا لأكثر من 10 سنوات.
• في أسوأ السيناريوهات، فإن نحو 25 ألفاً سيغادرون، وهذا يعني أن السياسة ستؤدي إلى خسارة 900 مليون جنيه إسترليني سنوياً من قِبل مصلحة الضرائب.