ريشة زبانة توائم بين الواقعية والرمزية في نسج مفردات لوحاتها
عمان- تقدم الفنانة التشكيلية الأردنية تالا أميل زبانة البعد الجمالي في صيغ واقعية متعددة الرؤى والمضامين في معظم أعمالها الفنية، حيث تتفاعل هذه الأعمال مع المعطيات التشكيلية برؤية معرفية وثقافية مستمدة من مختلف المدارس الفنية، وتعكس أفكارا تستلهم مقوماتها من الواقع. ومع ذلك، فإن زبانة تميل بشكل خاص إلى المدرسة السريالية.
بدأت أناملها تكتشف طريق الرسم في سن مبكرة، فدعمت هذه الموهبة بدراسة الفنون البصرية، وانطلقت في مشوارها مع هذا العالم متمسكة ببصمتها الخاصة. تمزج الألوان بلمسات سحرية تعكس في أعمالها تأثرها بالواقع وما يدور في خيالها، مستندة إلى معرفة فنية عميقة وإحساس عفوي صادق.
تعشق الفنانة زبانة الحياة بأشكالها وألوانها، وتعيشها بكل تفاصيلها لتحقيق أهدافها وطموحاتها، وتحول هذه التجارب إلى إبداع نابض، خاصة حين تكون متأثرة بالجوانب الإنسانية. تعمل على إعادة تكوين هذه التجارب بشكل فني يتماشى مع الفكرة والموضوع، وفقا لما ذكرته في حديثها لـ”الغد”.
وأكدت زبانة أهمية الطبيعة بتنوعها ومكوناتها وعناصرها في التكوين الفني، حيث تتشكل فنيا حسب المدرسة التي تأثرت بها. كما أوضحت أن قضايا المرأة تحتل مكانة خاصة في أعمالها، فهي جزء لا يتجزأ من داخل الإنسان.
اختارت الفنانة زبانة الفن التشكيلي وسيلة لترجمة ما يدور في خيالها ومشاعرها، حيث تعكس أعمالها ما بداخلها بحرية تامة من دون قيود أو قواعد. وترى أن الرسم هو فن مرئي، يعبر عن الأشياء من خلال الخطوط أو البقع الفنية أو الأدوات، ويعد أحد أشكال الفنون التشكيلية والإبداعية.
وتشير زبانة إلى أن الرسم ينقسم إلى أنواع عدة، منها المنظوري الذي يظهر في الأعمال ثلاثية الأبعاد، والميكانيكي الذي يظهر في الفن التشكيلي كبعد بصري يضع فيه الفنان تجربته المحفزة بصريا، ليعكس تأثير شعوره.
الفنانة زبانة، وهي عضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، تعتمد على الرسم كوسيلة للتعبير عن مشاعرها وأفكارها. وقد استلهمت أعمالها من مختلف المدارس التشكيلية، مثل الواقعية الرمزية والسريالية، مع ميل خاص نحو الرمزية والسريالية. تقول زبانة: “لا ألتزم بمواضيع معينة، لأنني أرى في الرسم مساحة للتعبير ورسالة للقضايا الإنسانية”. ورغم تنوع مواضيع أعمالها، إلا أنها تركز دائما على المعنى، الذي تعتبره روح الرسالة الفنية.
الرسم، بالنسبة للفنانة زبانة، هو في الأساس فكرة تأتي من دون ترتيب مسبق، لذلك لا تقتصر على أجواء محددة، رغم وجود مؤثرات تؤثر في الحالة الشعورية لأي مشروع فني.
وتؤكد زبانة ضرورة كسر النمطية بين الخطوط الثقافية والخيالية في الإبداع التشكيلي، وأهمية أن يتمكن الفنان من استخدام أدواته الإبداعية والفكرية والثقافية بمهارة تضمن له مكانا مميزا على الساحة التشكيلية. فكل مبدع يملك فهمه الخاص لشروط الإبداع، بما يتماشى مع مبتكرات عصره، ويبقى النجاح التشكيلي مرهونا بقدرة الفنان على تطوير أدواته.
تقول الفنانة التشكيلية زبانة، الحاصلة على درجة البكالوريوس في الفنون والتصميم من الجامعة الأردنية: “إن الفنان التشكيلي المجتهد والمتميز، والمطلع على كل جديد وصاحب الأفكار المتجددة، هو الذي يبرز حضوره بشكل إيجابي في الحركة الثقافية والتشكيلية. فالفنان الحقيقي يسعى إلى إبداع قيم جمالية من خلال أعماله التي تعبر عن مفهوم “الفن من أجل الفن”، إذ يحمل شعورا فنيا راقيا يضفي بعدا جماليا. ووفق زبانة، فإن الإبداع يتجلى في قدرة الفنان على إنتاج أعمال تشكيلية تعكس إحساسه، لأن قيمة الفن تقاس بأثره الجمالي”.
وتتحدث التشكيلية عن فكرة معرضها الشخصي الأول بعنوان “من الخيطان”، الذي يعد استكمالا لمشروع تخرجها في الجامعة. يتضمن المعرض 32 لوحة (زيت على قماش) بمختلف الأحجام، ويستعرض موضوع رمزية النسيج والخيطان، حيث ترمز الخيوط إلى أن الإنسان ينسج أفكاره وحياته وعلاقاته خيوطا، ويضع أحلامه في حقيبة منسوجة.
وتوضح زبانة قائلة: “أحياناً يحتاج الإنسان إلى مقص ليقطع عقد حياته، وأحياناً يبدأ بخيط جديد”. ورسمت المرأة في لوحاتها وهي تنسج مستقبل أبنائها باستخدام ماكينة خياطة بعد التهجير، مبرزة قيمة المرأة من خلال أفكارها وإنتاجها، وليس فقط جمالها. وتمثل بكرة الخيط في لوحاتها كينونة الإنسان وقيمته وجذوره”.
تختتم الفنانة تالا زبانة حديثها بالقول: “أطمح إلى رسم واقعنا خال من الحروب، وأن يعم السلام في الأرض. أؤمن بأهمية دور الفنانين في الحفاظ على الثقافة والفن النبيل، واحترام الماضي، وبث الأمل، وتشجيع الطلاب على المثابرة. كما أرى ضرورة ألا تكون هناك فجوة بين الفنانين الجدد والكبار، فاحترامي وتقديري للفنانين الكبار كبير”.