
خلال الأشهر الأخيرة ، تشهد سوق السيارات المصرية تحولا لافتا هذا العام مع التوسع السريع في نشاط التجميع المحلي، الذي ساهم في زيادة المعروض، وخفض الأسعار بنسب وصلت إلى 20% في بعض الفئات.
وقد ساهم دخول خمسة مصانع جديدة في رفع عدد خطوط التجميع المحلية إلى 23 مصنعا تنتج 23 علامة تجارية، بطاقة تقترب من 120 ألف سيارة سنويا، ما ساهم في تهدئة السوق وزيادة التنافسية، وفقا لما قاله رئيس رابطة تجار السيارات المصرية أسامة أبو المجد، والسبب في هذه الانتعاشة يأتي ذلك بدعم من الحوافز الحكومية وتراجع الاعتماد على الاستيراد، وهو ما قلل الضغط على الدولار، وساهم في استقرار الأسعار وتعافي المبيعات، التي ارتفعت بنحو 95% خلال أول خمسة أشهر من 2025 مقارنة بالعام الماضي.
ومن جانبه أشار علاء السبع - عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية ، إلى أن وفرة المعروض، لا سيما من السيارات الصينية، دفعت الوكلاء لتقديم عروض وأسعار تنافسية غير مسبوقة. كما قل الاعتماد على السيارات المستوردة نتيجة التوسع في الإنتاج المحلي، ما خفف بدوره من الضغط على الدولار، وساعد في استقرار سعر الصرف، بحسب تصريح الرئيس التنفيذي لرابطة مصنعي السيارات – م. خالد سعد.
وبدورها ، تدعم الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات، والحوافز الضريبية والجمركية المرتبطة بنسبة المكون المحلي، زيادة الطاقات الإنتاجية خلال الفترة المقبلة وتؤسس لنمو مستدام في السوق، خاصة مع دخول طرازات جديدة، إلى جانب خطط التوسع لعدة شركات في مصر، حسبما يعتقد سعد.
ومن جانبها تكتسب السيارات المجمعة محليا ثقة المزيد من المستهلكين بشكل ملحوظ، بعدما كانوا يفضلون المستورد باعتباره أعلى جودة، بحسب سعد الذي أضاف أن هناك قناعة متزايدة الآن بأن السيارات المحلية أصبحت بمستوى تصنيع جيد وتكلفة أقل، ما ساعد على تغيير ثقافة السوق.
هذا وقد شهد السوق في مايو الماضي بتقريرالمبيعات الشهرية للسيارات في السوق المصرية (الخاص بـ آميك) أعلى مستوى لها منذ يونيو 2022، لتستمر بذلك سلسلة من تعافي السوق، التي تتخذ اتجاها صعوديا منذ فبراير الماضي. ويأتي ذلك التحسن في أعقاب ما شهدته المبيعات من انخفاض حاد بنسبة 22% على أساس شهري في يناير، وفقا لبيانات مجلس معلومات سوق السيارات (أميك).
وتعكس الأرقام المسجلة في مايو تحسنا كبيرا مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، فقد ارتفع إجمالي مبيعات السيارات بنسبة 127.7% على أساس سنوي. وقفزت مبيعات سيارات الركوب بنسبة 131.4% على أساس سنوي، فيما زادت مبيعات الحافلات بنسبة 76%، وارتفعت أيضا مبيعات الشاحنات بنسبة 133.2% على أساس سنوي. وبيعت في شهر مايو 14.3 ألف مركبة مقارنة بـ 6300 مركبة في مايو 2024.
على الجانب الآخر ، تشهد سوق السيارات حاليا منافسة قوية، خاصة في شريحة السيارات التي تقل أسعارها عن 1.2 مليون جنيه، ما أدى إلى تراجع الأسعار بدعم من توافر الدولار وتسهيل الإفراجات الجمركية الذي ساهم في تعزيز المعروض وتحقيق نوع من الشفافية في التسعير، حسبما أشار أبو المجد.
كما دفعت المنافسة الشركات لتقديم أفضل العروض، سواء في السعر أو الصيانة، بحسب السبع. إذ أصبح أمام المستهلك خيارات متعددة بجودة أعلى وأسعار أقل، وهو ما يحفز بدوره الشركات على تحسين جودة منتجاتها، وليس فقط خفض أسعارها، ما ينعكس إيجابا على السوق ككل، وفقا لما أضافه السبع.
هذا، وقد ساهم دخول شركات جديدة وزيادة عدد الطرازات المنتجة محليا في رفع مستوى المنافسة في السوق، وأجبر الشركات على تقديم أسعار أكثر تنافسية وخفض هوامش الربح، حسبما أفاد سعد، مضيفا أن كل شركة تحاول جذب العملاء عبر تسعير أكثر مرونة، ما يصب في مصلحة المستهلك.
وقد أشار أبو المجد قائلاً: " إن زيادة الإنتاج المحلي، واشتداد المنافسة إلى تلك التخفيضات السعرية الحالية ، قد نتج عنه ركود في مبيعات موديلات الأعوام السابقة، وهو ما أصبح سبباً رئيسياً أيضا على سوق السيارات المستعملة الذي شهد انخفاضا متأثرا بتراجع أسعار الزيرو.
ولكن.. في الوقت الذي تقلصت فيه هوامش أرباح التجار، نجد في المقابل تحسنا في حجم المبيعات، لاسيما أن كثيرا من المستهلكين وجدوا بدائل أرخص بنفس المواصفات التي كانوا يبحثون عنها، ما وسع قاعدة العملاء في السوق، بحسب السبع.
هذا، و من المتوقع أن تصل موجة التخفيضات الحالية – التي طالت أكثر من 25 علامة تجارية – إلى حد معين ثم تستقر، مع بقاء المنافسة قوية في الفئات الأقل من 1.2 مليون جنيه، حسبما يعتقد السبع، مشيرا إلى أن بعض الطرازات الأوروبية تأثرت بارتفاع اليورو مؤخرا، ما قلل من فرص خفض أسعارها.
كما لم يحدث طرح السيارات موديل 2026 تغييرا جذريا في الأسعار، إذ أن الفارق السعري بين موديلات هذا العام والعام المقبل يعوض من خلال تقديم خصومات على المخزون الأقدم بحسب السبع.
على الجانب الآخر ، لم تدخل السيارات التي تتراوح أسعارها بين 2 إلى 3 ملايين جنيه في موجة التخفيضات الحالية بعد بحسب أبو المجد، الذي توقع رغم ذلك أن تشهد هذه الفئة انخفاضا في الأسعار خلال النصف الثاني من 2025 أو النصف الأول من 2026، مع استمرار استقرار الاقتصاد وزيادة الإنتاج المحلي.
خلاصة القول .. إن نحو 70% من عمليات شراء السيارات في مصر تتم من خلال التمويل البنكي أو أنظمة التقسيط، وهو ما قد يؤثر بتراجع أسعار الفائدة المرتقب خلال النصف الثاني من العام ليكون عاملا محفزا قويا لاستمرار نمو المبيعات، خاصة أن كل تراجع في الفائدة سينعكس فورا على القدرة الشرائية للمستهلك، حسبما أوضح سعد.
كما سيدعم استئناف التيسير النقدي استقرار السوق نموه بشكل مستدام ويزيد الإقبال على الشراء بالتقسيط، عبر خفض تكلفة التمويل مع انخفاض أسعار الفائدة، وفقا لما قاله السبع وأبو المجد.