دلجا , خيم الحزن من جديد على القرية التابعة لمركز دير مواس بمحافظة المنيا، بعدما لفظ الأب “ناصر محمد علي” أنفاسه الأخيرة اليوم الجمعة، ليُسدل الستار على واحدة من أكثر الحوادث غموضًا في السنوات الأخيرة، والتي راح ضحيتها الأب وأطفاله الستة في ظرف مأساوي أثار موجة من التساؤلات والقلق بين الأهالي والجهات المختصة.

وفاة الأب بعد 3 أيام من فقد آخر أطفاله في دلجا
لم تمر سوى ثلاثة أيام على وفاة آخر أبناء ناصر محمد، حتى لحقت روحه بأبنائه الستة الذين توفوا واحدًا تلو الآخر خلال الأسبوع الماضي نتيجة تسمم بمبيد حشري نادر في ظروف لا تزال غير مفهومة. وكان “ناصر” قد تم نقله إلى مستشفى أسيوط الجامعي بعد تدهور حالته الصحية، عقب نقله من مستشفى المنيا العام، حيث خضع لعناية طبية مكثفة شملت فحوصات وتحاليل شاملة، أُرسلت عينات منها إلى معامل وزارة الصحة بالقاهرة لتحديد المادة التي تسببت في التسمم.
رغم جهود الفرق الطبية، أُعلن عن وفاته رسميًا صباح أمس ونُقل جثمانه إلى مشرحة المستشفى، في حين تواصل النيابة العامة تحقيقاتها لكشف تفاصيل الحادث ومعرفة ما إذا كان ناتجًا عن إهمال، حادث عرضي، أم شبهة جنائية.

التسلسل المأساوي لفاجعة دلجا : 6 أطفال في أيام معدودة
بدأت الكارثة قبل أيام حين تلقت الأجهزة الأمنية إخطارًا بوفاة ثلاثة أطفال من أسرة واحدة، وهم: محمد ناصر (11 سنة)، عمر (7 سنوات)، وريم (10 سنوات)، بعد تعرضهم لأعراض تسمم شديدة، تلاهم وفاة شقيقهم أحمد نتيجة تدهور مماثل في حالته الصحية. ثم لحقت بهم الطفلتان فرحة (14 سنة) ورحمة (12 سنة)، اللتان نُقلتا إلى مستشفى صدر المنيا، حيث خضعتا للملاحظة بعد ظهور أعراض مشابهة، إلا أن حالتهما تدهورت رغم خروج رحمة لفترة قصيرة من المستشفى.
بهذا فقد ناصر جميع أبنائه في أقل من أسبوع، قبل أن يفارق الحياة لاحقًا، وسط ذهول وصدمة مجتمعية واسعة.

تسمم بمبيد قاتل لا يُعالج… والتحقيقات مستمرة
في ظل تصاعد الشكوك حول طبيعة الحادث، صرّح الدكتور محمد إسماعيل، أستاذ السموم بكلية طب المنيا، أن التحاليل المبدئية تشير إلى تعرض العائلة لتسمم بمادة شديدة السمية تُدعى “كلورفينبير”، وهو مبيد حشري نادر وخطير لا يوجد له ترياق مضاد عالميًا، ما يُفسر سرعة تدهور الحالات وعدم استجابتهم للعلاج.
وزارة الصحة من جانبها، أكدت في بيان رسمي عدم وجود أي أمراض معدية أو أوبئة في قرية دلجا، وأن نتائج فحص المياه والهواء داخل المنازل أظهرت خلوها من مسببات مرضية معدية، ما يرجّح فرضية التسمم الكيميائي العرضي أو المقصود.
النيابة لا تزال تواصل جمع الأدلة وسماع الشهادات، وسط تساؤلات مؤلمة عن الكيفية التي وصل بها هذا المبيد الفتاك إلى المنزل، وهل تم استخدامه عن طريق الخطأ أم كانت هناك نوايا أخرى خلف الحادث.