في مشهد يعكس عمق الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، أطلق مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، تحذيرات صارخة خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط، مؤكداً أن إسرائيل دمرت كل شيء في القطاع، وأن غزة لم تعد صالحة للحياة.
تصريحات منصور تأتي في وقت يستمر فيه الحصار الإسرائيلي المفروض منذ مارس 2025، وسط تفاقم الجوع وسقوط آلاف الضحايا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات إنسانية.
إسرائيل تدمر كل شيء وتستهدف الجوعى
قال منصور خلال كلمته إن إسرائيل لا تكتفي بتدمير المنازل والبنية التحتية، بل تتعمد استهداف المواطنين أثناء بحثهم عن الطعام.
وأضاف: "غزة مدمرة بالكامل، لا ماء، لا كهرباء، لا حياة".
ودعا المجتمع الدولي إلى تشكيل تحالف من الراغبين في إنهاء المأساة، من أجل حماية المدنيين ووضع حد للكارثة المستمرة.
ألف قتيل و6500 جريح خلال البحث عن المساعدات
بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، قُتل ما لا يقل عن 1000 شخص وأصيب 6500 آخرون منذ أواخر مايو، أثناء محاولاتهم الوصول إلى مواقع توزيع المساعدات.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن معظم هذه الحوادث وقعت قرب مراكز تديرها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي بدأت عملها في 27 مايو.
وبحسب شهود عيان ومسؤولين فلسطينيين، فإن الجيش الإسرائيلي هو المسؤول المباشر عن هذه المجازر، حيث أطلق النار على الحشود في أكثر من مناسبة.
الجيش الإسرائيلي يقر بإطلاق النار على المدنيين
رغم النفي المتكرر سابقًا، أقر الجيش الإسرائيلي أخيرًا باستخدام الرصاص ضد المتجمعين في بعض نقاط التوزيع.
وقال في بيان نهاية يونيو إنه أعاد تنظيم طرق الوصول إلى مواقع المساعدات بهدف تقليل الاحتكاك، إلا أن عمليات القتل استمرت، ما يثير تساؤلات حول مدى جدية هذه الإجراءات.
مؤسسة مثيرة للجدل تحل محل الأمم المتحدة
خلال ما يقارب الشهرين ونصف، منعت إسرائيل دخول أي مواد غذائية أو أدوية لغزة، بحجة أن حماس كانت تستولي على المساعدات المقدّمة ضمن النظام الإنساني التابع للأمم المتحدة.
وعوضًا عن ذلك، بدأت إسرائيل العمل مع مؤسسة "GHF"، في خطوة يرى مراقبون أنها تهدف إلى السيطرة على تدفق المساعدات وفقًا لأولوياتها السياسية والأمنية.
غزة تعاني من أسوأ نقص في الإمدادات منذ بداية الحرب
أعلن برنامج الأغذية العالمي أن الوضع في غزة بلغ مرحلة غير مسبوقة من التدهور، مشيرًا إلى أن ثلث سكان القطاع لا يحصلون على الطعام لأيام متتالية.
وبدأ الحصار الكامل في مارس بعد فشل تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي دام ستة أسابيع.
ورغم السماح بدخول عدد قليل من الشاحنات في أواخر مايو، إلا أن حجم الإمدادات لا يكفي لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان، خاصة بعد نفاد المخزون الذي تراكم خلال فترة الهدنة المؤقتة.
كارثة إنسانية أمام أعين العالم
وبينما تغرق غزة في أسوأ أزمة إنسانية منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من 21 شهرًا، يظل الصمت الدولي مخيمًا، وسط استمرار الحصار وتفاقم الأوضاع المعيشية.
ومع دعوات فلسطينية ودولية لتشكيل تحالفات جديدة لوقف المجازر، يبدو أن المأساة في غزة بحاجة إلى ما هو أكثر من بيانات الإدانة، وبحاجة إلى تدخل دولي حقيقي يوقف هذا الانهيار الكارثي في حياة أكثر من مليوني إنسان.