في مشهد غير مسبوق من المعاناة الإنسانية، يواجه سكان قطاع غزة أوضاعاً كارثية مع تفشي الجوع الجماعي وارتفاع وفيات المجاعة، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات.
تحذيرات قوية أطلقتها منظمة الصحة العالمية وأكثر من 100 منظمة إنسانية، وسط شهادات مروعة من داخل المستشفيات عن واقع مأساوي لا يشبه أي أزمة إنسانية في العصر الحديث.
منظمة الصحة العالمية: 90% من سكان غزة بلا مياه كافية
قالت منظمة الصحة العالمية، إن 90% من سكان غزة يعانون من صعوبة الوصول إلى المياه، نتيجة التدمير المتواصل للبنية التحتية ومنع الوقود اللازم لتشغيل محطات التحلية.
كما أشارت إلى أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية شملت نحو 90% من مساحة القطاع، مما أدى إلى نزوح جماعي وأزمة إنسانية متفاقمة.
منظمة الصحة العالمية: سوء تغذية قاتل ومراكز توزيع تتحول لساحات عنف
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن هناك ارتفاعاً "قاتلاً" في معدلات سوء التغذية، وسط ظروف قاسية جعلت نقاط توزيع المساعدات، التي من المفترض أن تكون ملاذاً آمناً، تتحول إلى مراكز عنف خطرة، قُتل فيها أكثر من ألف شخص أثناء محاولاتهم الحصول على الغذاء.
شهادات من قلب الأزمة: نُعالج على الأرض ونتساقط من الجوع
من داخل مجمع الشفاء الطبي في غزة، وصفت الطبيبة الأمريكية نور شرف الوضع بأنه "مرعب" وغير مسبوق.
وأكدت أن الطواقم الطبية تعمل لأكثر من 18 ساعة يومياً دون طعام، فيما يُعالج المرضى على الأرض لغياب الأسرة والمعدات.
وأضافت: "نرى مرضى يتساقطون من الجوع بعد أيام دون طعام، وبعضهم يموت أمام أعيننا".
منظمات دولية: مجاعة من صنع الإنسان وحصار خانق
أكثر من 100 منظمة غير حكومية، بينها أطباء بلا حدود والعفو الدولية وأوكسفام، حذرت في بيان مشترك من تفشي مجاعة جماعية من صنع الإنسان، نتيجة الحصار الإسرائيلي الصارم على القطاع، والذي حال دون دخول الغذاء والمياه والدواء رغم توافرها في المستودعات قرب الحدود.
وطالبت المنظمات بوقف فوري لإطلاق النار، وفتح المعابر البرية أمام تدفق المساعدات، مشيرة إلى أن المساعدات العالقة لا تصل إلى السكان بسبب منع الجهات الإسرائيلية والمنع المستمر لوصول المنظمات الإنسانية.
الأمم المتحدة: أهوال غزة لا مثيل لها
من جهته، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، ما يجري في غزة بأنه فيلم رعب حقيقي، مؤكداً أن عدد الضحايا والدمار الواسع النطاق غير مسبوق في التاريخ الحديث، وأن المجاعة الحالية هي نتيجة مباشرة للحصار المفروض.
أرقام مفزعة.. 900 ألف طفل جائع و111 وفاة بسبب المجاعة
أعلنت مصادر طبية فلسطينية، الأربعاء، عن وفاة 10 أشخاص إضافيين خلال 24 ساعة فقط بسبب المجاعة، لترتفع الحصيلة إلى 111 حالة وفاة، بينهم 25 طفلاً خلال ثلاثة أيام فقط.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 900 ألف طفل في غزة يعانون من الجوع، و70 ألفاً دخلوا بالفعل مرحلة سوء التغذية الحاد.
أسوأ أزمة إنسانية منذ اندلاع الحرب
بعد انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار في مارس 2025، فرضت إسرائيل حصاراً كاملاً على القطاع، مما أدى إلى نفاد معظم الإمدادات بحلول مايو.
ومنذ ذلك الحين، لم تدخل إلا أعداد محدودة من الشاحنات، ما جعل الوضع الإنساني ينحدر إلى أسوأ حالاته منذ بداية الحرب قبل أكثر من 21 شهراً.
نداء أخير للعالم
في وقت يتدهور فيه الوضع بشكل سريع ومميت، يوجه العاملون في المجال الإنساني نداءات عاجلة للمجتمع الدولي للتدخل ووقف الكارثة، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة تماماً، ويصبح الجوع السلاح الأخطر في هذه الحرب المستمرة.