بعد مرور عشر سنوات على عرضه الأول، يعود المسلسل المغربي “دار الغزلان” إلى شاشة التلفزيون، في خطوة تكريمية للفنان الراحل محمد البسطاوي، الذي شكل هذا العمل آخر محطة في مساره الفني، قبل أن يباغته المرض أثناء التصوير، ما اضطر فريق العمل إلى توقيفه مؤقتا، قبل أن يتمكن البسطاوي من استكمال مشاهده، ليغادر بعدها إلى المستشفى حيث وافته المنية بعد أسابيع قليلة.
يحمل عرض المسلسل بعد عقد من الزمن دلالة رمزية قوية، تعكس مكانة الراحل في ذاكرة الجمهور المغربي، الذي احتضنه طيلة مسيرته الفنية الحافلة؛ فقد كان محمد البسطاوي أحد أبرز الوجوه الدرامية في المغرب، بفضل حضوره القوي وقدرته على تجسيد أدوار مركبة بصدق وعفوية.
يأتي هذا العرض تكريما لإرث البسطاوي الفني ووفاء لروحه التي بصمت أعمالا لا تزال حية في وجدان المشاهدين، من بينها “دار الغزلان”، الذي مثل محطة إنسانية ومهنية خاصة في حياته.
ويحمل مسلسل “دار الغزلان” توقيع الكاتبة نرجس المودن، ويقدّم في قالب درامي اجتماعي مغربي يرصد مجموعة من القضايا المرتبطة بالحياة السياسية في الوسط القروي، من خلال تسليط الضوء على الصراعات التي تنجم عن الانتخابات الجماعية.
المسلسل الذي صور تحت إدارة المخرج ادريس الروخ، يتكون من أربع عشرة حلقة، تصل مدة كل واحدة منها إلى 42 دقيقة، أنتجته شركة “ديسكونكتيد”، وتدور أحداثه حول طبيب شاب حديث التخرج، يجسد دوره أسامة البسطاوي، كان يطمح لمتابعة دراسته بالخارج أو التعيين في مدينة كبرى، لكنه يفاجأ بقرار تعيينه في قرية نائية تدعى “دار الغزلان”، حيث يكتشف واقعا مليئا بالتحديات والصراعات السياسية والاجتماعية.
ويتقاطع المسار المهني للطبيب الشاب مع قصة حب تجمعه بابنة رئيس الجماعة القروية، التي ترفض مبدأ الزواج، في حين تتصاعد وتيرة الأحداث وسط صراع خفي وعلني بين رئيس الجماعة، الذي أدى دوره محمد البسطاوي، ومنافسه السياسي، الذي يجسد دوره الراحل محمد الشوبي.
ويشارك في هذا العمل مجموعة من نجوم الشاشة المغربية، من بينهم الراحل محمد خدي، مريم الزعيمي، نورا الصقلي، سعيد باي، أحمد الناجي، دنيا بوطازوت، وخاتمة العلوي، تحت إشراف درامي جمع بين البعد الإنساني والبعد السياسي في معالجة موضوع الانتخابات بالعالم القروي.
وتعتبر عودة “دار الغزلان” إلى الشاشة الصغيرة ليست فقط إعادة بث لعمل درامي ناجح، بل لحظة اعتراف ووفاء لفنان أعطى الكثير للساحة الفنية المغربية، وكانت كلماته وأداؤه في هذا المسلسل بمثابة وداع أخير لجمهوره.