تواضروس , في إطار حرص الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على دعم المؤسسات التعليمية الكنسية وتعزيز التواصل مع القيادات الروحية، التقى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في المقر البابوي بالإسكندرية، بالقمص أندراوس متى، وكيل الكلية الإكليريكية بالإسكندرية، حيث ناقش الطرفان عددًا من الملفات التعليمية والروحية المتعلقة بالكلية.
حضر اللقاء القمص أبرآم إميل، الوكيل العام للبطريركية بالإسكندرية، الذي شارك في المباحثات التي تركزت على تطوير المناهج الدراسية وتعزيز دور الإكليريكية في إعداد الكوادر الروحية والخدام المؤهلين لخدمة الكنيسة في ظل التحديات المعاصرة.

دعم البابا تواضروس للتعليم الكنسي وتطوير الإكليريكية
صرّح القمص موسى إبراهيم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن هذا اللقاء يأتي في إطار المتابعة المستمرة التي يقوم بها قداسة البابا لكافة المؤسسات التعليمية التابعة للكنيسة، وعلى رأسها الكليات الإكليريكية، التي تُعد الرافد الأساسي لتخريج الكهنة والخدام والباحثين في علوم اللاهوت والتاريخ الكنسي.
وتناول اللقاء الجوانب الإدارية والأكاديمية داخل الكلية، وسبل تطوير العملية التعليمية بما يتواكب مع التغيرات التي تشهدها الساحة الروحية والفكرية، إلى جانب مناقشة المقترحات الخاصة بتعزيز روح الانضباط الكنسي والتلمذة داخل المؤسسة التعليمية.

حديث البابا تواضروس عن المسيحية وتاريخ الصمود: الإيمان المسيحي وُلد من رحم الألم
وفي مداخلة خلال اللقاء، أكد قداسته أن الإيمان المسيحي لم يكن مجرد عقيدة نظرية، بل حياة عاشت وسط الألم والتضحية والعرق والدماء. وقال قداسته إن الكنيسة الأرثوذكسية صمدت عبر العصور بفضل الشهداء والنسّاك والمعترفين الذين واجهوا التحديات بكل ثبات.
وأشار إلى أن مرحلة الاستشهاد في مصر بلغت ذروتها في عهد البابا بطرس الأول، الملقب بـ”خاتم الشهداء”، الذي استشهد عام 311 ميلادية، حيث مثّل نهاية لموجات الاستشهاد العنيف، وبداية لمرحلة الرهبنة والاستشهاد الأبيض في البرية، وهو ما عبّر عنه قانون الإيمان بعبارة “تهليل الصديقين”.

التعليم والتسليم الرسولي: من أثناسيوس إلى الأجيال المعاصرة
أكد قداسته أيضا أن صمود الكنيسة لا يتوقف على رفض الاضطهاد فقط، بل يمتد إلى حفظ التعليم السليم، والاستمرار في التسليم الرسولي من جيل إلى آخر. وذكّر قداسته بأن البابا أثناسيوس الرسولي كان تلميذًا للبابا ألكسندروس، الذي بدوره كان تلميذًا للبابا بطرس الأول، ما يدل على سلسلة روحية متواصلة تحفظ الإيمان الأرثوذكسي وتثبته في قلوب المؤمنين.
كما تطرق إلى ظهور بدعة آريوس، التي أنكرت ألوهية السيد المسيح، وكيف واجهها البابا ألكسندروس بمجمع محلي ثم لاحقًا في مجمع نيقية المسكوني عام 325م، بمشاركة 318 أسقفًا، لتثبيت العقيدة السليمة وصياغة قانون الإيمان الذي لا تزال الكنيسة الأرثوذكسية تردده إلى اليوم.
وفي ختام اللقاء، شدد على أهمية التلمذة الروحية والتعليم الكنسي المنضبط كأدوات أساسية لحفظ الكنيسة وتقويتها، مشيرًا إلى أن استمرار الكنيسة في رسالتها عبر العصور هو برهان حي على صلابة الإيمان الأرثوذكسي وتجذر الروحانية القبطية.