رئيس البرازيل: المجتمع الدولي يفضل تمويل الحروب على دعم السلام

في قمة بريكس.. الرئيس البرازيلي يدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ويطالب بحوار مباشر لإنهاء حرب أوكرانيا

لولا دي سيلفا - الرئيس البرازيلي

في خطاب جريء خلال قمة مجموعة «بريكس» المنعقدة في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، حذر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من تصاعد المخاطر العالمية في ظل تآكل النظام الدولي القائم، مؤكدًا أن المجتمع الدولي يفضل تمويل الحروب على دعم السلام، وأن الأمم المتحدة باتت عاجزة عن مواجهة الأزمات العالمية المتفاقمة.

النظام الدولي ينهار أمام أعيننا

خلال جلسة «السلام والأمن وإصلاح الحوكمة العالمية»، أشار الرئيس البرازيلي إلى أن هذه القمة، التي تُعقد للمرة الرابعة في البرازيل، تأتي في «أصعب ظروف دولية على الإطلاق»، بالتزامن مع الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، التي شهدت تراجعًا غير مسبوق في النظام التعددي وانهيار الثقة بالمؤسسات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن.

وقال لولا: «النظام الدولي ينهار أمام أعيننا، وأصبح من الأسهل اليوم تخصيص 5% من الناتج المحلي للنفقات العسكرية بدلاً من الالتزام بنسبة 0.7% للمساعدات الإنمائية»، مشيرًا إلى أن الموارد اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 متاحة، إلا أن غياب الإرادة السياسية هو ما يعطل التقدم نحو تحقيقها.

ازدواجية المعايير وتآكل القانون الدولي

انتقد الرئيس البرازيلي الازدواجية في المعايير الدولية وتآكل سيادة القانون الدولي، مؤكدًا أن العالم يشهد اليوم أكبر عدد من النزاعات المسلحة منذ الحرب العالمية الثانية، بينما تستمر بعض الأطراف الدولية في تبرير التدخلات غير القانونية عبر إعادة تدوير الخطابات القديمة.

كما وجّه انتقادات لحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي رأى أن قراراته الأخيرة تؤجج سباق التسلح وتزيد من حدة التوترات الدولية، محذرًا من الانزلاق نحو مزيد من النزاعات.

غزة وأوكرانيا وإيران.. مواقف متوازنة

في تناوله للأزمات الجارية، أدان لولا بشدة هجمات حركة حماس، لكنه وصف ما تقوم به إسرائيل في غزة بأنه «مجزرة لا يمكن السكوت عنها»، مؤكدًا ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.

كما جدد الرئيس البرازيلي موقف بلاده الثابت في احترام وحدة الأراضي الإيرانية، مثلما فعل سابقًا تجاه أوكرانيا، مؤكدًا أن إنهاء الحرب في أوكرانيا يتطلب حوارًا مباشرًا ومبادرات ملموسة، مستشهدًا بمبادرة «مجموعة أصدقاء السلام» التي أطلقتها الصين والبرازيل بمشاركة دول من الجنوب العالمي.

أزمات منسية ودعوة لإصلاح جذري لمجلس الأمن

وانتقد لولا «الصمت الدولي» تجاه الأزمات المنسية في العالم، لاسيما الوضع في هايتي، حيث أكد أن المجتمع الدولي «تخلى عن هايتي قبل الأوان»، داعيًا إلى توسيع دور بعثة الأمم المتحدة في البلاد لتشمل الجوانب الأمنية والتنموية معًا لضمان استقرارها.

واختتم الرئيس البرازيلي كلمته بتوجيه دعوة صريحة لمجموعة بريكس لتحمل مسؤوليتها التاريخية في الدفع نحو إصلاح جذري لمجلس الأمن الدولي، بما يجعله أكثر عدالة وتمثيلًا وفعالية، من خلال ضم أعضاء دائمين من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، مشددًا على أن هذا الإصلاح «لم يعد مطلبًا للعدالة فقط، بل ضرورة لبقاء الأمم المتحدة نفسها».

وأضاف لولا في ختام حديثه: «كل يوم يمر ونحن نتمسك بهيكل دولي عفا عليه الزمن ويقصي معظم الدول، هو يوم مهدور في مواجهة الأزمات الإنسانية المتفاقمة»، مؤكدًا أن الإصلاح الشامل للنظام العالمي ضرورة لمواجهة المخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين.