أخبار عاجلة
رسميًا | فناربخشة يضم لاعب النصر السعودي -
النيجيريات يهزمن التونسيات بالبيضاء -
رسائل "السنبلة" من آسفي -

دروس الأمريكي زهران ممداني .. فلسطين ليست "سجلا تجاريا" باسم أحد

دروس الأمريكي زهران ممداني .. فلسطين ليست "سجلا تجاريا" باسم أحد
دروس الأمريكي زهران ممداني .. فلسطين ليست "سجلا تجاريا" باسم أحد

من نيويورك، حيث تُخاض واحدة من أعقد المعارك الانتخابية في الولايات المتحدة، يبرز اسم زهران ممداني كصوت سياسي غير تقليدي. شاب مسلم من أصول هندية، يخوض سباق رئاسة بلدية نيويورك متسلحا بخطاب متزن، يربط بين العدالة الاجتماعية وبين الدفاع عن فلسطين، دون أن يتوسل الشعارات الجوفاء أو يسقط في فخ التخوين.

في مدينة تُعد من أكثر مدن العالم دعما لإسرائيل، لم يتردد ممداني في وصف ما يجري في غزة بالإبادة الجماعية، وفي تأييد حركة المقاطعة، ورفض زيارة إسرائيل. ومع ذلك، لم يُقابل الهجمات التي استهدفته بالشتائم أو حملات التشهير؛ بل واجهها بأدوات القانون الدولي، وبخطاب مؤسس على الوقائع والمبادئ. وقد نجح هذا الشاب في بناء تحالف انتخابي متنوع، شمل يهودا تقدميين وشرائح واسعة من الناخبين، دون أن يقدّم أي تنازل عن قناعاته.

ممداني لا يدّعي الحديث باسم فلسطين، ولا يحتكر تمثيلها؛ بل يدرجها ضمن مشروع أشمل لمجتمع عادل ومتعدد. يدافع عنها دون أن يجعلها وسيلة لإقصاء المختلفين، أو منصة للتخوين. إنه يُعيد تعريف الالتزام السياسي: أن تدافع عن فلسطين لا بأن ترغي وتزبد، أو تتهم الآخرين، بل بأن تصوغ خطابا مقنعا، وتحالفا واسعا، وبرنامجا قابلا للدفاع عنه داخل المؤسسات، لا عبر منابر الصراخ الافتراضي.

في المقابل، يشهد الخطاب المغربي حول القضية الفلسطينية تراجعا في الرصانة، وارتفاعا في الشحنة الانفعالية. وبينما تُعبّر الدولة، في انسجام واضح بين القيادة والشعب، عن دعم ثابت للحق الفلسطيني، يتصدر المشهد بعض من حوّلوا هذه القضية إلى مجال للمزايدة الرمزية، وتصفية الحسابات الإيديولوجية والشخصية. يوزّعون تهم “العمالة” و”التطبيع” جزافا، ويصادرون حق الآخرين في التعبير عن تضامنهم، وكأن فلسطين سجل تجاري محفوظ باسم فئة دون سواها.

هذا الخطاب لا يبني وعيا، ولا يوسّع دائرة الدعم؛ بل يُقصي بدل أن يُقنع، ويُضعف القضية بدل أن يعززها. إنه يستهلك الرصيد الأخلاقي للنضال الفلسطيني في معارك داخلية فارغة، تُفرغ المعنى من مضمونه.

في الجهة الأخرى، يقدّم المغرب نموذجا أكثر توازنا في الدفاع عن القدس، يجسده التزام الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس، بدعم إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وبالعمل الدبلوماسي والميداني المتواصل، بعيدا عن الضجيج والمزايدة. هذا الدور التاريخي للمغرب لا يقوم على الشعارات؛ بل على استمرارية الفعل السياسي والمؤسساتي في خدمة القضية.

فلسطين لا تحتاج إلى من يزايد بها، ولا إلى من يحتكرها في خطابه. إنها بحاجة إلى من يُعيدها إلى موقعها الطبيعي: قضية تحرر إنساني، تُخاض بأدوات سياسية راشدة، وبخطاب جامع لا يُقصي أحدا.

زهران ممداني لا يقدّم وصفة جاهزة؛ لكنه يثير أسئلة أساسية؛ من قبيل: كيف يمكن أن ندافع عن فلسطين دون أن نحوّلها إلى معركة داخلية تُفرّق بدل أن تُوحّد؟

كيف نُترجم التعاطف الشعبي إلى مبادرات سياسية مؤثرة بدل أن نكتفي بالشعارات؟

وكيف نبني تحالفًا واسعًا حول عدالة القضية، دون أن نوزع “صكوك النضال”؟

هكذا يذكّرنا ممداني أن مناصرة فلسطين ليست تدوينة على “فيسبوك”، ولا صراخا موسميا، ولا شعارا يُردَّد مع اقتراب الحملات الانتخابية، بل اختبار حقيقي للنضج السياسي والاجتماعي.

إنه خطاب يحمل فلسطين إلى ساحات الفعل المؤسسي والمبادرة السياسية الواعية، لا أن يحشرها في زوايا الاختلاف الإيديولوجي والسجال العقيم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أول تعليق لمدرب نادي الهلال عقب الفوز التاريخي ضد السيتي
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية