بعنوان “التنظيم الذاتي بين رهان تعزيز حرية الصحافة وتحدي النهوض بأخلاقيات المهنة”، خلصت أحدثُ دراسات المنتدى المغربي للصحافيين الشباب بطابع “تحليلي مرجعي” إلى توصيات بارزة؛ أهمها “تحيين الميثاق الوطني لأخلاقيات مهنة الصحافة والنشر لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعي، والأخبار الزائفة، وتطورات الصحافة الرقمية”.
وانطلق “منتدى الصحافيين الشباب” من تشخيص “مزدوج”، مؤسساتي وميداني، ليخلص عبر الدراسة التحليلية التي طالعت هسبريس نسختها الكاملة إلى توصيات وخلاصات رئيسية.
ووفق الدراسة، المقدمة خطوطها العريضة للنقاش، السبت، “تُظهر تجربة التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة في المغرب نقاط قوة، مثل إرساء إطار قانوني للمجلس الوطني للصحافة، وإصدار ميثاق أخلاقيات المهنة، لكنها ما زالت تعاني من تحديات كبيرة مرتبطة، أساسا بفعالية التنفيذ واستقلالية القرار وتجديد الأعضاء”.
مساران متوازيان
وفي تقدير “المنتدى الشبابي”، فإن “تطوير التنظيم الذاتي في المغرب يمرّ عبر مسارين متوازيين”.
الأول يهم إجراء “إصلاح داخلي عميق يجعل المجلس أكثر ديمقراطية واستقلالية وفعالية”، أما الثاني فليس سوى “تحويله إلى نموذج رائد إقليميًا، يُقدَّم كبديل ديمقراطي، وكرافعة لبناء إعلام حر ومهني ومسؤول”.
وبناء على هذه المنطلقات، و”من أجل تحسين أداء المجلس الوطني للصحافة وتطوير التجربة المغربية في التنظيم الذاتي”، بسط المنتدى أبرز التوصيات، داعياً إلى “مراجعة القانون المنظم للمجلس بما يضمن استقلاليته المالية والإدارية الكاملة”.
كما دعا، بصريح العبارة، إلى “إقرار انتخابات شفافة ودورية لاختيار ممثلي الصحافيين في المجلس الوطني للصحافة، مع تبني نظام تأهيلي قائم على الكفاءة والنزاهة”.
الدراسة التي اعتمدت، في شقها الميداني، على استمارة بحثية وُزّعت على عينة من الصحافيين المغاربة من مختلف الجهات والتخصصات، بهدف استقراء آرائهم بخصوص “التمثيلية، الأخلاقيات، الحكامة والقدرة التأطيرية للمجلس”، شددت ضمن التوصيات على “تفعيل آليات المساءلة والشفافية والتحكيم والوساطة داخل المجلس الوطني للصحافة”.
كما أبرزت أهمية “إشراك المجتمع المدني الحقوقي والمؤسسات الأكاديمية في تركيبة المجلس المستقبلي”، حسبما استقرأته هسبريس من سطور الوثيقة، التي دعت في سياق متصل إلى “تحويل التجربة المغربية إلى مرجعية إقليمية عبر الانفتاح على الشراكات الإفريقية والدولية في مجالات التنظيم الذاتي والحكامة الإعلامية”.
ولم تخل توصياتها أيضا من الدعوة إلى “تحصين المهنة وإعادة الاعتبار لها، استنادا إلى مطالب المهنيين ومؤسساتهم التمثيلية وهيئاتهم الداعية إلى إعادة الاعتبار لمهنة الصحافة في بلادنا وحمايتها من الدخلاء والمتطفلين والنهوض بصورتها لدى المجتمع، ومن أجل أن يتبوأ الصحافيون المكانة التي تليق بهم في المجتمع أسْوة بباقي المهن”.
سياق ومحاور
وجاءت الدراسة، حسب معدّيها، “في إطار التزام المنتدى الراسخ بالدفاع عن حرية الصحافة وتعزيز أخلاقيات المهنة”، مؤكدين أنها تندرج ضمن أنشطة مشروع “تعزيز وتمكين الإعلام المهني المستقل”، الذي “ينفذه المنتدى ويدخل في إطار استراتيجيته الترافعية”.
كما بسط المصدر ذاته سياقها بالقول: “تأتي هذه الدراسة في سياق سياسي ومهني مطبوع بتحولات عميقة مست منظومة الإعلام في المغرب، وتزايد الحاجة إلى نماذج فعالة ومستقلة للتنظيم الذاتي، في ظل تصاعد التحديات الرقمية ورهان الرفع من الثقة في آليات الضبط الأخلاقي والمؤسساتي”.
واعتمدت الدراسة على مقاربة مزدوجة جمعت بين “تحليل نظري للتجارب والممارسات الدولية الفضلى في مجال التنظيم الذاتي”، مع “قراءة نقدية للتجربة المغربية من خلال تتبع مسار المجلس الوطني للصحافة منذ تأسيسه سنة 2018”.
محاور الدراسة انتظمت في خمسة محاور كبرى؛ أوّلها “المعالم النظرية للتنظيم الذاتي وأشكاله الدولية”، قبل التطرق إلى “تقييم تجربة المجلس الوطني للصحافة من حيث الفعالية والاستقلالية”.
وثالث المحاور غاص في “تحليل مخرجات الاستمارة الخاصة بآراء الصحافيين”، بينما الرابع تكلف بإجراء “قراءة في أثر التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي على مستقبل التنظيم الذاتي”، قبل الختم ببسط “مقترحات إصلاحية شاملة لتجويد الإطار المؤسساتي والقانوني للتنظيم الذاتي في المغرب”.
وأورد سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أن “هذه الدراسة تمثل أداة علمية عمَلية للصحافيين والمشرّعين وصناع القرار، وكذا للهيئات الوطنية المعنية بحرية التعبير بهدف بناء نموذج تنظيمي أكثر فعالية واستقلالية وتمثيلية، يُواكب تحولات المهنة ويُعزز موقع المغرب في مؤشرات حرية الإعلام”.