
بعنوان “الحاج عمر بن عبد الجليل: صور من حياته ومواقف من جهاده”، تجدّد صدور كتاب عضو أكاديمية المملكة الراحل أبو بكر القادري حول السياسي المغربي الذي كان من قيادات الحركة الوطنية المغربية، ومن الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، وعرف النفي والاعتقال في زمن الاحتلال الأجنبي ورفض المسؤولية في عهده، ثم تولى المسؤولية الوزارية في زمن الاستقلال التي لم تحل دون أن تكون له مواقف قوية، من بينها تقديم استقالة وزراء حزبه إلى الملك محمد الخامس من أولى حكومات المغرب بعد جلاء الاحتلال.
الكتاب صدر عن مؤسسة أبي بكر القادري بدعم من جهة الرباط سلا القنيطرة، ضمن سلسلة الراحل القادري “رجال عرفتهم”، ويقول فيه: “لم يعش الحاج عمر بن عبد الجليل لنفسه، وإنما عاش لشعبه وأمته وعقيدته، وكافح وناضل، وجاهد وصابر، وأوذي وتحمَّل، فما وهن لما أصابه في سبيل الله، وما ضعف وما استكان، لم يكن همه في الحياة أن يتمتع بزخارفها ومشتهياتها، ومناصبها ومراكزها، ولكن همّه كان مع الضعيف يواسيه، ومع المظلوم يكافح عنه، ومع الرفيق ينصحه، ومع الصديق يخلص له، ومع الأبناء يرشدهم، ومع الأحباب يوجههم، ومع الوطن يحميه ويذود عنه”.
وأضاف القادري في شهادته على مسار عمر بن عبد الجليل: “عاش حياته كلها وطنيا ملتزما، منذ أن كان شابا يافعا، إلى أن لقي ربه راضيا مرضيا، فما عرفنا أنه تأخر عن أي عمل وطني فيه مصلحة للشعب سواء في أوقات الشدة أو في أوقات الرخاء”.
وزاد: “لقد كان من الجماعة الوطنية الأولى التي أعطت العهد، وأقسمت اليمين على أن تخلص للدين والوطن، فبرّ بوعده، ووفى بعهده، وأدى رسالته على الوجه الأكمل، غير منتظر جزاء ولا شكورا من أحد، إلا من الخالق الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا”.
وسجّل القيادي في حزب “الاستقلال” أن بنعبد الجليل “لم يكن من أولئك الأشخاص الذين عبدوا أنفسهم، وتعشقوا الزعامة، ودخلهم الغرور، وأخذتهم العزة بالإثم، ولم يكن يعتبر الوطنية مرقاة يرقى بها إلى الجاه والنفوذ وحب الذات، والتعالي على الناس، ولكنه كان يعتبر الوطنية خدمة لهذا الوطن، وتفانيا في سبيل المواطنين، وتربية إسلامية تتربى في ضوئها وعلى أساسها الأجيال”.
ومن منطلق العشرة في الاعتقال والعمل الوطني والعمل الحزبي وعموم الحياة، يقدّم أبو بكر القادري مسار عمر بن عبد الجليل، ويوثق شهادات سياسيين وأدباء ومسؤولين في عطائه، كما يقدّم مختارات من كتاباته باللغتين العربية والفرنسية، متضمّنة رؤاه للشؤون المغربية، والإصلاح، والإسلام، وفهم التاريخ، وتدبير العيش المشترك، ووضع الطبقات المضطهدة، ومن بين هذه المقالات شهادات مهمة نشرت إبان زمن الاستعمار توثّق إشكالات سبّبها الاحتلال الأجنبي والمتعاونون معه.