تشهد الضفة الغربية المحتلة منذ سنوات تصاعدًا خطيرًا في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، في ظل دعم من جيش الاحتلال الإسرائيلي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتواطؤ من المؤسسة العسكرية التي غالبًا ما تحمي المعتدين بدلًا من ردعهم.
تتنوع هذه الاعتداءات بين حرق المزارع، قطع أشجار الزيتون، مصادرة الأراضي، إحراق الممتلكات، والاعتداء الجسدي على السكان، وصولًا إلى القتل المباشر. وقد وثقت منظمات حقوقية فلسطينية ودولية هذه الانتهاكات، التي تشكل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقيات جنيف.
رام الله، 9 سبتمبر 2025
تصاعدت اليوم أعمال العنف والانتهاكات التي يمارسها المستوطنون والقوات الإسرائيلية في ضوء الهجوم المسلح الذي استهدف محطة حافلات في القدس الشرقية أمس، وأسفر عن مقتل ستة إسرائيليين. فيما يلي، أبرز التطورات الفنية والإنسانية والحقوقية:
تفاصيل الانتهاكات في الضفة الغربية
إصابات وأضرار مادية
أصيب 3 فلسطينيين بحروق مساء أمس جرّاء إحراق مستوطنين مزرعة زراعية (مشتل زراعي) في قرية دير شرف بمحافظة نابلس، وتم نقلهم لتلقي العلاج .
إلى جانب ذلك، تلفت ممتلكات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية بفعل هجمات نفذها مستوطنون .
انتهاكات متعددة ومتواصلة
شملت الاعتداءات: إحراق أراضٍ مزروعة بأشجار زيتون في يتما، تدمير منازل في بورين وتكسير زجاج المركبات قرب مستوطنة "يتسهار"، وإغلاق الحواجز مثل بيت فوريك وعورتا أمام حركة الفلسطينيين .
في أريحا، استُهدف تجمع شلال العوجا بتقطيع خط الكهرباء الرئيسي، ما أدى إلى انقطاع التيار عن عشرات العائلات البدوية .
حملة إسرائيلية واسعة ضد الفلسطينيين
اقتحمت قوات الاحتلال مناطق عدّة في الضفة، مثل قلنديا وكفر عقب ومخيم العروب وغرب رام الله (دوّار عين أيوب)، حيث أطلقت الغاز والرصاص، وعرقلت وصول سيارات الإسعاف إلى المصابين .
اقتحامات في محافظة جنين شملت مسليّة، قباطية، الجديدة، سيريس، صانور، ووسيلة الظهر، واستخدمت فيها القوات الرصاص وقنابل الغاز والصوت .
في بيت عوا جنوب الخليل، اقتربت القوات من منزل الأسير ثابت مسالمة تمهيدًا لهدمه، أثناء مواجهات أدّت إلى إصابة عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق بالغاز الحارق .
الخلاصة الحقوقية والإنسانية
1. تزامن التصعيد مع رد الفعل الإسرائيلي بعد هجوم القدس، يدعم تقييم الفلسطينيين ومراقبي حقوق الإنسان بأن هذا العنف يُستخدم كشكل من العقاب الجماعي والتشريد .
2. الجانب الإنساني: إصابات مباشرة في صفوف المدنيين، بالإضافة إلى تدمير منازل ومحاصيل وبنى تحتية وعدّة قرى، مما يعمّق معاناة السكان ويعرّض سكاناً لمخاطر حياة وخطر التشرد.
3. الحقوق الدولية: هذه الانتهاكات تُعد خروقات واضحة لاتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية التي تحظر العقاب الجماعي وحماية المدنيين خلال النزاعات.
نابلس نموذجًا: إحراق مشتل الجنيدي
مساء الاثنين 8 سبتمبر 2025، أقدم عدد من المستوطنين على إحراق مشتل "الجنيدي" في قرية دير شرف غرب نابلس، ما أسفر عن إصابة ثلاثة مواطنين بحروق ونقلهم إلى المستشفى، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) والهلال الأحمر الفلسطيني.
قدّر أصحاب المشتل الخسائر المادية بنحو مليوني شيكل، شملت مكاتب، مخازن، بذور نادرة، وأغطية بلاستيكية. وأوضح ماهر الجنيدي أن تأخر وصول سيارات الإطفاء نتيجة الحواجز العسكرية الإسرائيلية ساهم في تفاقم الأضرار.
هذا المشتل، الذي تأسس عام 1987، ويُعد من أهم مرافق التوريد الزراعي في فلسطين، يوظف 25 عاملًا وينتج سنويًا أكثر من 1.7 مليون شتلة. إحراقه لم يكن اعتداءً ماديًا فقط، بل ضربة لقطاع حيوي يرتبط بمعيشة آلاف الفلسطينيين.
توثيق دولي: هجوم على مزارع الزيتون في ترمسعيا
في تقرير ميداني لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) 19 أغسطس 2025، رصدت الكاميرات هجومًا مباشرًا نفذه نحو عشرة مستوطنين ملثمين على مزرعة المواطن إبراهيم حمايل قرب ترمسعيا. المستوطنون نزلوا من بؤرة استيطانية غير قانونية، وهاجموا المزرعة بعصي كبيرة، ثم أشعلوا النيران في سيارات وممتلكات.
التقرير وثق أيضًا منع جيش الاحتلال الإسرائيلي لفرق الطوارئ الفلسطينية من الوصول إلى موقع الحريق والمصابين، فيما استمرت الاعتداءات لعدة ساعات. إحدى السيدات الفلسطينيات، رفعة سعيد، أكدت أن زوجها ظل محاصرًا في منزله الريفي وتعرض للضرب بالحجارة، بينما الجيش منعها من الوصول إليه.
منظمة "السلام الآن" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي أوضحت أن عدد البؤر الاستيطانية تضاعف منذ أكتوبر 2023، مشيرة إلى ظهور نحو 100 بؤرة جديدة في الضفة منذ مطلع 2024، وازدياد الاعتداءات المنظمة بهدف فرض وقائع على الأرض و"دفن فكرة الدولة الفلسطينية".
حصيلة أممية مقلقة
وثق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بين 5 و11 أغسطس 2025 27 هجومًا لمستوطنين أسفرت عن إصابات وأضرار، ونزوح 18 أسرة فلسطينية.
من يناير حتى يونيو 2025: 149 فلسطينيًا قُتلوا في الضفة الغربية برصاص مستوطنين أو جيش الاحتلال، مقابل مقتل 9 إسرائيليين على يد فلسطينيين.
تقرير الأمم المتحدة حذّر من أن هذا التصعيد يهدد الأمن الإنساني ويُفاقم خطر التهجير القسري.
عين سامية: إبادة زراعية منظمة
منطقة عين سامية شرقي رام الله تُعد مثالًا على الاستيطان التوسعي. وفق شهادات مزارعين وتقارير إعلامية، استولى المستوطنون خلال الحرب الأخيرة على مئات الدونمات الزراعية، ودمّروا:
180 ألف شتلة حرجية كانت تنتجها مشاتل وزارة الزراعة.
أكثر من 100 دونم مزروعة بالخضار والزعتر.
محاصيل عنب وحمضيات وأفوكادو وجوافة.
200 رأس غنم سُرقت من مربي ماشية محليين.
أكثر من 30-40 عائلة فقدت مصدر رزقها الأساسي، فيما تحولت الأراضي الخصبة إلى مراعي للمستوطنين.

الأبعاد القانونية والإنسانية
القانون الدولي الإنساني:
تنص اتفاقية جنيف الرابعة على حماية الممتلكات المدنية ومنع الاستيلاء على الأراضي بالقوة. اعتداءات المستوطنين تمثل جرائم حرب.
المسؤولية الإسرائيلية:
استمرار الاعتداءات تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتصريحات وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش الداعية إلى "دفن فكرة الدولة الفلسطينية"، تكشف أن الاعتداءات جزء من سياسة دولة ممنهجة لا مجرد أعمال فردية.
الآثار المجتمعية:
تدمير المزارع والموارد يعزز الفقر والبطالة ويستهدف صمود الفلسطينيين في أراضيهم.
اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية لم تعد أحداثًا متفرقة بل باتت منهجية ممنهجة، تهدف إلى تهجير الفلسطينيين تدريجيًا وسلب أراضيهم، في ظل دعم رسمي إسرائيلي وصمت دولي. مشتل الجنيدي في نابلس، مزارع الزيتون في ترمسعيا، وأراضي عين سامية، ليست سوى نماذج متكررة يوميًا.
المطلوب، تحرك دولي عاجل لإلزام إسرائيل بتطبيق القانون الدولي، محاسبة المستوطنين، وحماية المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، بما يضمن حقهم في البقاء على أرضهم.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.