الأسواق المالية تهتز مع تغييرات فريق ستارمر الاقتصادي

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر

شهد مقر الحكومة البريطانية في داونينج ستريت هذا الأسبوع تحولات لافتة في الطاقم الاستشاري لرئيس الوزراء كير ستارمر ووزيرة المالية رايتشل ريفز، في خطوة فسّرها مراقبون على أنها محاولة لتعزيز المصداقية الاقتصادية قبل إعلان ميزانية الخريف المرتقبة.

تعيين منوش شفيق واستبعاد غير مباشر لريفيز؟

جاء أبرز التعديلات بتعيين منوش شفيق، نائبة محافظ بنك إنجلترا السابقة، كبيرة للمستشارين الاقتصاديين لدى ستارمر، إلى جانب نقل دارن جونز من وزارة المالية إلى منصب السكرتير الأول لرئيس الوزراء.

هذه التحركات، بحسب محللين، تعكس تراجع ثقة ستارمر في أداء ريفز، التي تعرضت في الآونة الأخيرة لانتقادات داخلية، وتُعد بمثابة محاولة لإحكام السيطرة على الملف الاقتصادي من داخل مقر رئاسة الوزراء، خاصة مع تدني معدل الرضا الشعبي عن الحكومة إلى 13% فقط، بحسب استطلاع "يوغوف".

اختبار صعب في ميزانية الخريف وسط ضغوط الأسواق

تتجه الأنظار الآن إلى ميزانية الخريف، التي ستحدد مستقبل السياسات الاقتصادية للحكومة. وبينما أكدت ريفز تمسكها بقواعد مالية صارمة تتضمن خفض الدين وكبح الاقتراض، فإنها قد تضطر لزيادة الضرائب لتحقيق التوازن، في ظل رفضها رفع ضريبة الدخل أو ضريبة القيمة المضافة أو التأمين الوطني.

لكن الأسواق لم تبدِ ثقة كبيرة؛ إذ ارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل 30 عاماً إلى 5.7%، وهو الأعلى منذ عام 1998، ما يعكس تراجع ثقة المستثمرين وزيادة كلفة خدمة الدين الحكومي.

إحباط داخلي ورغبة في تسريع الأداء

يرى محللون أن هذه التغييرات تعبّر عن إحباط رئيس الوزراء من الأداء الحكومي البطيء والبيروقراطي، كما أشار مجتبى رحمن، مدير "يوراسيا جروب"، الذي قال إن ستارمر يسعى إلى تجاوز أخطاء الفترة الماضية، بعد منح ريفز صلاحيات كبيرة تبين لاحقاً أنها أُسيء استخدامها، خصوصاً في ملفات مثل استثناءات دعم التدفئة وخفض الإعانات.

ضرائب "عادلة" متوقعة لتفادي أزمة ثقة

رغم تعهدات حزب العمال بعدم رفع الضرائب المباشرة على الدخل، تشير التوقعات إلى أن ريفز ستلجأ إلى حزمة من الضرائب غير المباشرة أو التصاعدية، تحت شعار "العدالة الضريبية"، وهي فكرة دعمتها منوش شفيق في السابق.

ووفقاً لرحمن، فإن الميزانية ستركز على تحميل الأثرياء نصيباً أكبر، مقابل تحسين المكاسب للمواطنين العاديين، في محاولة لتقديم صورة "عادلة ومتوازنة" للسياسات الضريبية.

رسالة من الأسواق: المصداقية لا تُمنح مجاناً

الارتفاع الحاد في عوائد السندات كان بمثابة تحذير مباشر من الأسواق للحكومة البريطانية. وقال نايجل غرين، الرئيس التنفيذي لـ "دي فير جروب"، إن ما حدث يذكّر بالأزمة التي أطاحت برئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، مؤكداً أن "المصداقية المالية لا يمكن اصطناعها".

وأضاف: "إذا أرادت ريفز الحفاظ على ثقة الأسواق، لا خيار أمامها سوى اتخاذ إجراءات صعبة، سواء برفع الضرائب، أو خفض الإنفاق، أو كلاهما".

حكومة ستارمر أمام "خريف حاسم"

مع اقتراب إعلان ميزانية الخريف، تجد حكومة كير ستارمر نفسها في مواجهة متعددة الأوجه: أزمة ثقة شعبية، قلق من الأسواق، خلاف داخلي على الصلاحيات، وضرورة تقديم رؤية اقتصادية واقعية تقنع الشارع والمستثمرين في آنٍ واحد.

هل ستنجح هذه التعديلات في إنقاذ المشهد؟ أم أنها جاءت متأخرة؟ هذا ما ستكشفه الأسابيع المقبلة.